ظل الأوروبيون طوال سبعة عقود مطيّة سهلة ومأمونة للولايات المتحدة الأمريكية تأخذهم عنوة إلى حيث مصالحها ولا يهمها في ذلك إن خسروا أو ربحوا، في اصطفافهم خلفها وإذعانهم لأوامرها وتنفيذهم لرغباتها، التي باتت لا تنتهي.
ربما كان يعي الأوروبيون أنهم يفقدون هيبتهم ومكانتهم شيئاً فشيئاً بين دول العالم حتى نالوا بامتياز لقب القارة العجوز التي لا حول لها ولا قوة.
العملية الخاصة، التي تقوم بها روسيا في أوكرانيا منذ أكثر من عام، كشفت أكثر فأكثر عورة السياسة الأمريكية والاستغلال الفاضح لهؤلاء الذين تطلق عليهم واشنطن اسم الحلفاء من باب المجاملة والحفاظ على ماء وجههم، وهم الذين يخسرون ويدفعون الثمن باهظاً من وراء انسياقهم الأعمى وراء واشنطن حتى إنهم استبدلوا الغاز الروسي الأرخص من الماء بالغاز الأمريكي الأغلى من الذهب، والتعامل الاقتصادي الندّي مع الصين، والفائدة المتبادلة والازدهار المجتمعي بالركود والتضخم والتظاهرات والإضرابات، وربما القادم أسوأ.
اليوم يصحو الأوروبيون متأخرين تحت وقع الإفلاس وضجيج الشارع ويتذكرون أنهم كانوا يسيرون عكس مصالح شعوبهم بفوبيا الكره والعداء لروسيا والصين الأكثر قرباً منهم والحافظيّن لمصالحهم السياسية والاقتصادية أكثر من واشنطن، صحوة متأخرة بدأها المستشار الألماني أولاف شولتس بزيارة للصين وتبعه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وها هو رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل يعلنها صراحة بأن قادة أوروبا يؤيدون دعوه ماكرون للاستقلالية الاستراتيجية عن واشنطن، فهل ينجح الأوروبيون في ذلك، أم إن كلامهم سيذهب أدراج الرياح؟
هيثم صالح
36 المشاركات