لم يكن تصعيد قوات الاحتلال الإسرائيلي، و عدوانها على جنوب لبنان والشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة، إلا استمرارا لعربدة الكيان الغاصب واعتداءاته المتواصلة، ومحاولة لإعادة خلط الأوراق في المنطقة، على ضوء ما شهدته من تطورات سياسية بارزة خلال الفترة الماضية.
إن مثل هذه المغامرات العدوانية الخرقاء باتت معروفة في كيان الاحتلال، لأن من شأن سياسة كهذه أن ترسل رسائل للداخل الإسرائيلي، وخاصة على ضوء المشكلات التي تعصف بالائتلاف الحاكم وزعيمه نتنياهو .
لقد أمعنت قوات الاحتلال في التضييق على الفلسطينيين، ومنع وصولهم إلى الأقصى لأداء الصلاة، كما تقوم بشكل يومي، بحملات الاعتقال والتفتيش وإغلاق محاور الطرق الرئيسة، وتكثيف الحواجز في شوارع مدينة القدس المحتلة والبلدة القديمة ومحيط الأقصى، وهو الأمر الذي حول حياة الفلسطينيين في الضفة إلى جحيم، ناهيك عن حصار القطاع والعدوان عليه.
لقد تابع العالم برمته الاعتداءات السافرة على المصلين في الأقصى الشريف، وإطلاق العنان للمستوطنين وقوات الاحتلال لتدنيس المكان وضرب المصلين ومع كل هذا الانتهاك الفاضح لمبادئ القانون الدولي، وحق الشعوب في العيش بأمان، لم يحرك العالم ساكناً، أولاً وآخراً ولم يدن هذه الممارسات العدوانية والعنصرية.
أمام هذا كله لم يكن أمام المقاومة إلا خيار الرد على جرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة بحق الفلسطينيين ومقدساتهم، من هذا المنطلق جاءت العملية البطولية في منطقة الأغوار بالضفة الغربية.
لقد أسفرت العمليات البطولية التي نفذها مقاومون فلسطينيون منذ مطلع العام الجاري عن مقتل 18 مستوطناً إسرائيلياً وإصابة أكثر من 30، وجاءت كلها رداً على جرائم الاحتلال، التي أدت خلال هذا العام وحده إلى استشهاد 95 فلسطينياً وإصابة المئات.
نحن اليوم أمام حلقة عدوانية جديدة، وانتهاك جديد لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بموضوع الصراع العربي الإسرائيلي، والقرار ١٧٠١ الخاص بلبنان، فضلا عن كون هذا العدوان تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة.
يحتاج نتنياهو إلى شد عصب داخلي ليقول لناخبيه والشارع الإسرائيلي إنه الأقوى، والقادر على تأمين “الحماية” لهم لكنه يعي جيداً أيضاً، أن المقاومة أقوى من زمن مضى، وهي جاهزة دائماً لفرض معادلة الرعب والألم، وقد خبر نتنياهو هذا مرات عديدة، ذهبت معه وعوده للإسرائيليين وأوراقه الداخلية أدراج الرياح، فها هي فصائل المقاومة الفلسطينية تؤكد جهوزيتها للمواجهة والرد بكل قوة على أي عدوان والدفاع عن شعبها في كل أماكن تواجده.