هل تمزق أوروبا عباءة واشنطن

ليس خافياً على أحد الخصام بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين الشعبية واحتدام التوتر الاقتصادي والسياسي بين البلدين الأقوى اقتصاداً في العالم وصراع المصالح الذي تقوده واشنطن للحفاظ على الأحادية القطبية وقيادة العالم منفردة.
وليس خافياً أيضاً، أنه في سبيل تحقيق ذلك تستخدم الولايات المتحدة دول أوروبا الغربية وسيلة إضافية للحد من النفوذ الصيني المتصاعد إلى حدّ دفعها إلى معاداة الصين ومقاطعتها اقتصادياً وسياسياً.
قد تكون الولايات المتحدة نجحت خلال الأعوام القليلة الماضية في كبح الدول الأوروبية وخاصة الرئيسة والفاعلة فيها كفرنسا وألمانيا وبريطانيا من الاندفاع باتجاه التعامل الكامل مع الصين ولكن ذلك كانت له آثاره الاقتصادية السلبية على الاقتصادات الأوروبية قبل غيرها، ما نتج عنه مزيد من التضخم والقلاقل الاقتصادية التي وصلت إلى حدّ الركود، وقد زاد «الطين بلّة» العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا انخراط الأوروبيين فيها بإيعاز أيضاً من واشنطن التي تجيد الاستثمار في الحروب والأزمات كما فعلت خلال الحرب العالمية الثانية منتصف القرن الماضي.
ما يبدو عليه الأمر أن الأوروبيين وخاصة فرنسا وألمانيا لم يعودوا يطيقون صبراً على هذه السياسة التي تجعلهم في كل ذلك الخاسر الأكبر من جراء سيرهم تحت العباءة الأمريكية وتنفيذ مصالحها وخططها لمواجهة خصومها اللاحقين بها وربما القادرين على تجاوزها خلال فتره وجيزة من الزمن، ولذلك بدأ المستشار الألماني أولاف شولز قبل أشهر قليلة فتح نافذة جديدة في العلاقات مع الصين واليوم يتبعه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومعه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بعد أن ضاقت أحوالهم الاقتصادية وكثرت نذر الركود الذي سيجتاح أوروبا وفق رأي أكثر المحللين خبرة.
ما يلفت في زيارة ماكرون أنه بدأها بتصريح يقول فيه «ينبغي على أوروبا أن تقاوم الحد من العلاقات التجارية والدبلوماسية مع الصين» وقد دعمته في ذلك فون دير لاين بالقول أيضاً: «ليس من مصلحة أوروبا الانفصال عن الصين» فهل بدأت أوروبا بتمزيق عباءة واشنطن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار