احتضنت موسكو اجتماعات رباعية على مستوى معاوني وزراء الخارجية الروسية والتركية والإيرانية والسورية محورها الأساس بحث التقارب السوري التركي بمبادرة من الجانب الروسي وبناء على طلب من الجانب التركي فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحدث أكثر من مرة عن رغبة حكومته في فتح صفحة جديدة مع سورية بعد أكثر من عقد من العداء الشديد سببته سياسة حكومة أردوغان المحتضنة للعصابات الإرهابية والمساندة للإرهاب والمحتلة لأجزاء من الأراضي السورية.
وجاء إلحاح أردوغان لمصالحة سورية مع اقتراب انتخابات الرئاسة التركية في أيار المقبل لأنه يعلم أن الورقة السورية تلعب دوراً محورياً في هذه الانتخابات ولاسيما أن أوراق أردوغان في هذه الانتخابات أضعف من المرات السابقة كلها، ويريد رئيس النظام التركي أن تتم هذه المصالحة بغض النظر عن احتلال قواته لأجزاء من الأراضي السورية وهذا ما لا تقبل به سورية التي طالبت بإنهاء الوجود التركي في إطار أي علاقة مستقبلية مع تركيا.
يبدو أن السبب الأساس لحماس أردوغان لإقامة علاقات مع سورية هو الانتخابات الرئاسية الوشيكة بعد أن كان لا يجهر بعدائه لسورية فقط وإنما يفتح حدوده على مصراعيها أمام عصابات الإرهابيين من دول العالم كلها لتحارب الدولة السورية وتعمل على تمزيقها ولم يلتزم بأية بنود لصيغة «أستانا» الداعية لسحب قواته من سورية وبقي يحافظ على الوجود الإرهابي في إدلب ويحتل أجزاءً من الأراضي السورية في الشمال ويدعم ما يسمى المعارضة التي تلاشت وتمزقت ولم يعد لها وجود يُذكر.
وسورية منفتحة على الحوار الذي دعت إليه موسكو مع تركيا لكن العلاقات لا تقوم بشكلها الطبيعي ما لم تسحب تركيا قواتها من الأراضي السورية ومزاعمها حول ارتباط تواجدها بوجود إرهاب ميليشيا «قسد» فهذه مزاعم فارغة، والدولة السورية هي الجهة الوحيدة المخوّلة بالقضاء على الإرهاب داخل أراضيها ومعروف أن من يدعم ميليشيا «قسد» هي الولايات المتحدة الأميركية حليفة تركيا في حلف «ناتو» وفوق هذا وذاك تسرق النفط السوري والخيرات السورية في الجزيرة في وضح النهار.
لا مشكلة بين سورية والشعب التركي إلّا أن المشكلة مع نظام أردوغان الذي حوّل الحدود مع سورية وهي أطول حدود مع دولة أخرى إلى معبر لدخول العصابات الإرهابية لتقتل وتدمر وتخرّب في سورية طوال أكثر من عشر سنوات، فهل إقباله على العلاقات مع سورية فجأة لأسباب انتخابية مؤقتة تنتهي بانتهاء موسم الانتخابات، ومن يقبل بعلاقات طبيعية مع النظام التركي ما دام يحتل الأرض ويدعم الإرهاب ولم يبرهن ولا مرة واحدة عن مصداقية في التعامل، وإذا كان جاداً في العلاقات الطبيعية مع سورية فلماذا لا يقدم على بادرة حسن نية بوقف دعمه للعصابات الإرهابية وسحب قواته من الأراضي السورية ونتائج محادثات موسكو مرهونة بذلك ولا شيء آخر؟
د.تركي صقر
90 المشاركات