عن أي ديمقراطية؟!

عن ماذا تبحث واشنطن عبر ما سمي «قمّة الديمقراطية»؟ وعن أي ديمقراطية تتحدث؟ وكيف يمكن أن يساهم مبلغ الـ690 مليون دولار في تعزيز برامج الديمقراطية حول العالم؟ ما الجدوى من هذا المبلغ؟ وما هي طبيعة تلك البرامج وتوجهاتها؟..
أولاً لنجدّد التذكير والتأكيد أن تلك الديمقراطية المزعومة أمريكياً لا تمت لاسمها بصلة، فهي مصطلح مطواع تتلاعب به الولايات المتحدة كما يحلو لها وفقاً لأجنداتها وخدمة لمصالحها، ولاسيما عندما تُحشر في ضائقة في ظل التحوّلات والمتغيرات السريعة واللافتة على المستوى العالمي وعلى مستوى العلاقات الدوليّة.
في قمّتها الأخيرة تحدثت واشنطن عن برامج لدعم الديمقراطية وعن سيادة القانون والعدالة وجعل التكنولوجيا تعمل لصالح الديمقراطية وليس ضدها.. انطلاقاً من معرفتنا بسياسات الولايات المتحدة نستطيع أن نقطع الشك باليقين مباشرة والقول إنّ تلك البرامج هدفها إعلاميّ تخريبيّ تحريضيّ ويمكن عدّها مرحلة متقدمة في سياسة التحريض على الدول وقياداتها إعلاميّاً وذلك بعد فشل مشروعها على أرض الواقع فكان لابدّ من تطويع عالم الأخبار والصورة والتقارير المصورة والعالم الافتراضي في خدمة ذلك المشروع، ولنا في سورية مثال حيث كُشف منذ مدة عن استخدام واشنطن برامج إعلاميّة للتحريض ضد الدولة السورية، وهذا دليل لا يدع مجال للشك.
دعوة دول بعينها واستثناء الكثير من الدول الأخرى هي محاولة أمريكية غير مباشرة لإيجاد تكتلات جديدة يُبنى عليها التدمير الأمريكي الممنهج عبر حالة استقطاب وتجديد نزاعات وإثارتها والترويج لأخطار واهية بينما الخطر الحقيقي يتمثل في الولايات المتحدة متزعمة القمّة!.
دعم الديمقراطية لا يحتاج رصد مبالغ والترويج لصورة أمريكا المزيفة، إذ يكفي أن تنكفئ واشنطن وتكف أيديها عن دول العالم، ويكفي أن تتوقف عن القتل والخراب والتدمير وإشاعة الفوضى وفرض العقوبات والحصار وتجويع الشعوب، ويكفي أن تتوقف عن نهب خيرات الشعوب وثرواتها، حتى يسود القانون وتتحقق العدالة ونلمس الديمقراطية قولاً وفعلاً.
من سخريات القدر أن تتزامن تلك القمّة مع ذكرى الحرب الفيتنامية والغزو الأمريكي على العراق وما خلفه من جرائم و تدمير الدولة والجيش وغيرها الكثير من المآسي التي لا يمكن حصرها.. فعن أي ديمقراطية تتحدث واشنطن؟ وعن أي ديمقراطية تبحث وكيان الاحتلال الإسرائيلي يرتكب الجرائم ويمارس عدوانيته بحق الشعب الفلسطيني مقدساته الدينية على مرأى منها؟!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار