عين على السعودية وآخرى على تركيا وصولاً إلى شهر أيار المقبل، وما يمكن أن نشهده خلال هذه الفترة من تطورات على مستوى أهم مسارين: استئناف العلاقات بين سورية والسعودية من جهة، وبين سورية وتركيا من جهة أخرى، وما يمكن أن ينعكس تالياً على مجمل الإقليم لمصلحة ترسيخ معادلات سياسية –عسكرية – اقتصادية، جديدة، بدأت معالمها الرئيسة تتوضح بصورة أكبر بعد الاتفاق السعودي- الإيراني، وتسارع خطوات التقارب من طرف السعودية باتجاه سورية.
في أيار، تستضيف السعودية القمة العربية.. وفي أيار ستجري انتخابات رئاسية برلمانية في تركيا، هذا يعني أن شهر أيار سيكون حدّاً فاصلاً بين مرحلتين ليس بالنسبة لسورية فقط، على مستوى الساحة العربية وعلى مستوى الإقليم، وبقدر ما يلف التفاؤل مسار العودة السعودية – السورية، نرى مساراً معاكساً على مستوى ما يسمى التطبيع بين سورية وتركيا.
منذ اضطرار تركيا إلى التراجع مرغمة عن إعلانها بخصوص الاجتماع الرباعي الذي كان مقرراً في العاصمة الروسية موسكو قبل نحو عشرة أيام، وهناك شبه انكفاء في مسار التطبيع السوري – التركي، لا تصريحات، ولا إعلانات، ولا مواعيد جديدة للقاءات أو اجتماعات، باستثناء أمرين: الأول ذلك الاتصال الهاتفي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب أردوغان يوم أمس، والذي تم التأكيد خلاله على أهمية استمرار عملية التطبيع.. والأمر الثاني والأخطر- وهو سابق على ذلك الاتصال – اعتماد تركيا التصعيد الميداني عن طريق فصائلها المسلحة في إدلب وشمال حلب، كورقة ضغط بمواجهة تمسك الدولة السورية باستحقاقات وطنية واجبة لازمة لا بدّ لتركيا من الالتزام بها وتنفيذها وفق جدول زمني واضح ومُحدد قبل أي حديث عن لقاءات جديدة، أو اتصالات متبادلة بخصوص التطبيع.
من غير المعروف على ماذا يراهن أردوغان وهو يحاول أن يُقارب مسألة التطبيع من زوايا غير صائبة، فيما الوقت الذي يتقلص تباعاً قبل موعد الانتخابات في 14 أيار المقبل، لا يبدو في مصلحته، إلّا إذا قرر في الأيام المقبلة العودة إلى «تعهداته» السابقة، شرط أن تكون «تعهدات» فعليّة، وليس مناورات خبيثة كما ثبت خلال الأشهر الماضية ما بعد طلبه وساطة روسيا للتقارب مع دمشق في تشرين الثاني الماضي.
وفيما ينكفئ المسار التركي، يتقدم المسار السعودي خطوات متسارعة، خصوصاً مع إعلان السعودية رسمياً العمل على استئناف العلاقات مع سورية على مستوى الخدمات القنصلية، بداية، والتي ستدخل حيز التنفيذ مع حلول عيد الفطر في شهر نيسان المقبل يسبقها زيارة لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، كما هو متوقع، وفق ما يتم إعلانه أو تسريبه، حتى الآن.
ويُنظر إلى المسار السعودي باعتباره تتويجاً، أو الحلقة الأخيرة، في مسار الانفتاح العربي على سورية.. وحتى الآن يبدو أن هذا المسار سيصل إلى خواتيمه السعيدة قبل انعقاد القمة العربية التي تستضيفها السعودية، ويجري كثير من الحديث حولها، ولاسيما بخصوص استعادة سورية مقعدها في الجامعة العربية، ودعوتها لحضور القمة، علماً أنه لا شيء رسمياً مُعلناً، باستنثاء تحليلات المراقبين التي تستقرئ ما يجري وما يُعلن وما يصدر من تصريحات.. وهناك تأكيدات مستمرة بخصوص أن السعودية تريد لـ«قمتها» أن تكون حدثاً فارقاً فاصلاً جامعاً.
وإذا ما سارت التطورات وفق ما سبق فإن سورية والمنطقة ستكون أمام زخمٍ واسع من التطورات الإيجابية لن تكون في مصلحة الأميركي الذي أعلن خلال اليومين الماضيين أنه يبعث بـ «رسائل شخصية عبر الأقنية الرسمية إلى الدول التي تعمل للتطبيع مع دمشق» لإبلاغها الموقف الأميركي الرافض لذلك، وبضرورة التشدد في تطبيق قانون قيصر ضد كل من يتواصل مع دمشق.
حتى الآن لا يبدو أن هناك استجابات من النوع الذي تريده واشنطن، إلّا إذا كان هناك وراء الأكمة ما وراءها مما لا يزال حبيس الغرف المغلقة.
بكل الأحوال، هناك إجماع على أن المرحلة المقبلة حتى أيار المقبل هي مرحلة حاسمة، ولا بدّ من ترقب وترصد كل شاردة وواردة.. لننتظر ونرَ.
مها سلطان
57 المشاركات