ما أصاب سورية من عاصفة الزلازل كان كبيراً وقاسياً، واحتواء الآثار والأضرار يحتاج إلى إمكانات تفوق قدرة الدولة السورية، ولذلك وجهت الحكومة نداء إلى المجتمع الدولي بطلب المساعدة العاجلة، وعززت الأمم المتحدة بلسان أمينها العام هذا الطلب بنداءات مماثلة، وبادرت دول عديدة إلى إرسال المساعدات، ولكنها غير كافية لأن حجم الأضرار هائل، وبرز على الفور الدور السلبي للولايات المتحدة الأميركية التي لم تغيّب قانون قيصر إلّا مؤقتاً ولفترة محدودة.
من المؤسف أن دولة كبرى مثل الولايات المتحدة تقوم بإدخال حساباتها الضيقة في الفواجع وآلام الناس، فقد كان الزلزال فرصة لواشنطن لإظهار موقف إنساني يليق بالدولة الأقوى في العالم ولكن ما جرى كان عكس ذلك فأوقفت قانون قيصر لمدة قصيرة لا تتجاوز ستة أشهر وبشكل دعائي أكثر منه فعلياً أو عملياً وحذا حذوها الاتحاد الأوروبي الذي أصبحت مواقفه منذ سنوات ذيلية لمواقف البيت الأبيض.
في الأوقات الصعبة ينكشف الصديق الحقيقي من العدو الحقيقي، ولقد تبين أن لسورية أصدقاء حقيقيين وكثيرين ومنذ اللحظات الأولى سارعوا لنجدتها ومد يد العون والمساعدة وهذا ما خفف من هول الكارثة غير المسبوقة، وطبعاً يشهد تاريخ سورية أنها كانت سباقة في نجدة من يتعرض لكارثة وحتى في الأوقات التي تعرضت فيها بلدان وشعوب لكوارث ولظلم الآخرين كانت تفتح حدودها لاستقبال أعداد غفيرة من هؤلاء كما حصل مع الأشقاء في العراق قبل سنوات وكما جرى للإخوة في لبنان من دون أن ننسى ما أصاب الشعب الأرمني من فواجع وآلام وكيف فتحت سورية حدودها لهم وكيف استقبلهم السوريون وكانوا بمئات الآلاف واندمجوا بالسوريين بشكل كامل.
في المحن تظهر معادن الناس وفي المحنة السورية هبّ الشعب السوري هبة رجل واحد وكان وما زال العطاء جزيلاً، فالمسارعة للبذل كان لها وقع كبير في التخفيف من الكارثة، وبرزت صور من النخوة والشهامة تعبّر عن نفسها وتبين أصالة الشعب وتضامنه في المحن. هذه الروح الطافحة بالوطنية سوف تؤسس لسنوات قادمة طويلة وتطوي الصفحات السوداء التي مرت بها سورية خلال الحرب الإرهابية التي أريد لها أن تخرب الإنسان السوري، وجاء المصاب الجلل ليؤكد عمق الوطنية الأصيلة للسوريين وربما تتأكد مقولة ربّ ضارة نافعة.
tu.saqr@gmall.com
د.تركي صقر
90 المشاركات