بجمعها (٤٧) قصيدةً جوي نارجو تُمسي الشاعرةَ المحاربة
تشرين-حنان علي:
نفائس أدبهم والقصائد لم تساعد سكان أمريكا الأصليين على لفتِ الأنظار إلى لغاتهم وثقافاتهم وشعوبهم التي فاقت أعدادها رسمياً الخمسمئة والسبعين قوماً، فما كان من الشاعرة والمؤلفة الأمريكية جوي هارجو إلا السعي جاهدة لمعالجة هذا التجاهل المتعمد لإبداعات قومها، معيدة رسم خرائط الولايات المتحدة عبر قصائد بلغت السبع والأربعين ، كتبها شعراء شباب معاصرون ، مسلطة الضوء على فهمهم العميق للشعر:
« الشعر بالنسبة لنا لغة حية – سواء أكان بلغاتنا القبلية، أم باللغة الإنجليزية ، أم بأي لغة أخرى. إنّا نلوذ بالشعر لشرح تحولات حياتنا، حاله كحال الحب و المرثيات والمباهج. الشعر سلاحنا في ردع العاصفة، وأداتنا لكشف المعجزات».
الفهم الشعري هذا خلق (الشاعرة المحاربة) ، رواية عن نشأة الكاتبة الأولى في قبيلة المسكوجي بأصلها العائد إلى جنوب شرق الولايات المتحدة، عبر سرد القصص العتيقة عن أسلافها وعائلتها وكبار المجتمع. تتداخل الرواية عند هارجو بين النثر و الشعر والأغاني والهتافات والصور لتتبع تطورها من «الفتاة المحاربة » إلى «الشاعرة المحاربة». من غير أن تقدم قصتها بترتيب زمني ثابت سامحة للسرد بالقفز بين حين وآخر. تشرح قائلة: «لا تسير الحياة في خط مستقيم أبداً في مجتمعاتنا الأصلية، فالوقت يتحرك ببطء» .
توضح رواية (الشاعرة المحاربة) المعنى الخفي الكامن وراء الأحداث اليومية التي «قد تنبئ بتحولات مرتقبة، تمثل القوة الروحية جنباً إلى جنب مع الخطر، القوة ذاتها التي تهب الحياة أو تسلبها». إذ تراها رغم نشأتها المعدمة مع أم شبه أمية وأب سكير، تتأمل هارجو الحكمة التي تلقتها من كل منهما ، موائمة بين حكاية عائلتها مع القصة الأكبر لشعبها – ولا سيما سرقة أرض الأجداد بعدما اقتلعتهم حكومة الولايات المتحدة وأجبرتهم على إعادة التوطين ضمن أحداث خبزت الكاتبة وعجنتها لتمسي «الشاعرة المحاربة».
شاعرةٌ أصيلة لا تنكر تأثرها بإميلي ديكنسون بقولها « كان بإمكاني سماعها ، رغم المسافات الفاصلة بيننا من سنوات ، وأميال ، وثقافات ». كما تعترف هارجو بأنها لن تبلغ الشعر مبلغاً إن لم تستمع إلى صوت داخلي يخبرها أن الشعر هو الطريق، حتى مع إصرارها على سبل مختلفة . نغمتها الصادقة والمباشرة أضفت على الكتاب طابعاً مألوفاً منعشاً عن حكايات الروحانية والتجديد في مواجهة الظلمة والطرد والتفكك الأسري.
جوي هارجو :
شاعرة، موسيقية ومؤلفة، من الولايات المتحدة.. ولدت في عام 1951 بولاية أوكلاهوما، تعود أصولها للسكان الأصليين الأمريكيين، وهي أول مواطنة أمريكية من هذه الخلفية العرقية تحصل على لقب شاعرة الأمة الأمريكية، كما تعدّ إحدى أبرز ناشطات الموجة الثانية لنهضة سكان أمريكا الأصليين، خلال أواخر القرن العشرين.