أبنية آيلة للسقوط من جراء الحرب بانتظار التفاته لدرء أخطارها… الإرهاب شريك الزلزال في الدمار
تشرين – وليد الزعبي:
يطغى على مشهد السوق التجاري الرئيس في مدينة درعا كثرة الأبنية المهدمة أو المتصدعة والآيلة للسقوط نتيجة الحرب الإرهابية، والغريب أنه بالرغم من مرور سنوات على معاودة العمل في أجزاء من ذلك السوق فلم تتخذ أي إجراءات حيالها إلى اليوم لتقييم واقعها وإقرار ما يلزم بشأنها، ولا أحد يعلم إلى متى سيدوم هذا الواقع غير المقبول والخطر.
الكثير من الأبنية التجارية والسكنية المتضررة لن تصمد أمام أي طارئ كالزلازل
*استثمار جزئي
عاد النشاط إلى السوق منذ مطلع عام ٢٠١٩، حيث أخذ العديد من أصحاب المحال التجارية يزاولون عملهم فيها بعد أن كان قد خرج السوق من الخدمة منذ سنوات الحرب الأولى، ولاسيما في سوق شارع الشهداء وعند ساحة ١٦ تشرين وفي محيط مركز الانطلاق الغربي، وكذلك الشارع الممتد من محور المجمع الحكومي باتجاه ساحة بصرى، وحالياً قيد الترميم سوق الحامد الذي يضم نحو ١٨٦ محلاً تجارياً وكذلك عدد من المكاتب في الطابق العلوي، فيما الانتظار لا يزال سيد الموقف لجهة استثمار أجزاء كبيرة من شارعي القوتلي وهنانو وتفرعاتهما وبقية أرجاء السوق.
ضرورة لتفعيل السوق
رئيس غرفة تجارة وصناعة درعا المهندس قاسم المسالمة أشار إلى ضرورة العمل على تقييم واقع الأبنية في الوسط التجاري الرئيس في حي المحطة ضمن مدينة درعا، وخاصةً أن هناك أبنية مهدمة ومتصدعة آيلة للسقوط تشكل خطورة بالغة، وأمل بتكليف لجان هندسية خبيرة للكشف على تلك الأبنية بالتنسيق والتعاون مع مجلس مدينة درعا وتقييم واقعها وتصنيفها ما بين أبنية قابلة للترميم وأخرى يتحتم إزالتها، ووضع المقترحات اللازمة بشأن الإجراءات الواجب اتخاذها ومن ثم النظر فيها واعتمادها وإقرارها من الجهات المعنية ذات العلاقة، مركزاً على ضرورة الإسراع بإزالة الأبنية الآيلة للسقوط لرفع خطرها المحتمل على المحيط والمارة من جهة، وتشجيع أصحاب الأبنية القابلة للترميم على المباشرة بالتدعيم والترميم والتأهيل لمعاودة استثمارها من جديد من جهة ثانية، لافتاً إلى أن المظهر العام الذي يسوده الدمار والأبنية الآيلة للسقوط منفر ولا يحفز على القيام بأي تراميم أو مزاولة للأعمال التجارية، معتبراً أن هذا هو عامل رئيس في تأخر إقلاع أجزاء من السوق التجاري الرئيس ويدفع إلى بقاء معظم الفعاليات التجارية في الأحياء السكنية وعدم انتقالها للسوق الرئيس.
جاهزة حين الطلب
يؤكّد المهندس موسى أبو زريق أمين سر فرع نقابة المهندسين في درعا، أنه بالنسبة للأبنية المتضررة والآيلة للسقوط بسبب الحرب، فإن النقابة مستعدة لتشكيل لجان هندسية للكشف عليها وتقييم واقعها ومدى سلامتها وما يمكن ترميمه والذي يحتاج إلى إزالة، لكن ذلك مرهون بضرورة تقديم طلب من صاحب العلاقة أو الوحدة الإدارية، وتترتب لقاء ذلك أتعاب حسبما هو محدد من الجهات صاحبة الصلاحية.
تقييم المباني وإقرار القابل منها للترميم أو الواجب إزالته من الضرورات
وأشار إلى أنه تماشياً مع الظروف الراهنة بسبب الزلزال الذي ضرب عدة محافظات، فإنّ فرع نقابة المهندسين في درعا قام كإجراء احترازي بتشكيل 10 لجان هندسية على مستوى مختلف مناطق ومدن المحافظة، مهمتها الكشف على الأبنية التي قد تتضرر بسبب الزلازل أو الهزات الارتدادية، وهي لجان لن تتقاضى أي أتعاب.
وشدد على أن كل بناء جديد يراد تشييده ينبغي أن تكون له استمارة توثق لإنجاز كل مرحلة من مراحله من الحفريات حتى التشطيبات، وموقعة من المهندس الاستشاري المشرف ومهندس البلدية، ولا تقدم لهذا البناء الخدمات إلّا بموجب هذه الاستمارة التي تثبت تنفيذ البناء وفق الدراسات المصدق عليها من نقابة المهندسين.
منع الدخول والاقتراب
المهندس أمين العمري رئيس مجلس مدينة درعا أشار إلى أنه، بعد كارثة الزلزال الذي ضرب عدة محافظات، تمت مراسلة محافظة درعا بكتاب مفاده: نظراً لوجود عدد كبير من الأبنية المتضررة وغير المأهولة بالسكان في منطقة الأسواق التجارية وساحة بصرى وخلف وشرق مبنى السرايا من حي درعا المحطة، فإنّ المرجو توجيه قيادة الشرطة لتكليف الوحدات الشرطية ضمن المدينة بمنع دخول المواطنين أو الاقتراب من تلك الأبنية وذلك حفاظاً على السلامة العامة.
قانون الأنقاض
فيما بيّنت مصادر الدائرة القانونية في المجلس أن القانون رقم 3 لعام 2018 (الخاص بالأنقاض) نصّ على أن المحافظ بناء على اقتراح الوحدة الإدارية يصدر قراراً يحدد فيه المنطقة العقارية والمباني المتضررة المشمولة بأحكام هذا القانون على أن تعدَّ الوحدة الإدارية تقريراً مفصلاً عن واقع هذه المنطقة ويتم نشر وإعلان القرار، ويتضمن التقرير المفصل الذي يفترض إعداده خلال 120 يوماً من تاريخ صدور قرار المحافظ حجم ونسبة الأضرار والنفقات المتوقعة والتجهيزات اللازمة لإزالة الأنقاض من الأملاك العامة والخاصة للمباني المتضررة، وتحديد قيمة هذه الأنقاض المتوقع تحصيلها، مع مخطط يبين صور المباني المتضررة وأسماء المناطق العقارية المشمولة بها وأسماء مالكي المباني المتضررة والمقتنيات الخاصة، كما يشكل المحافظ لجنة مهمتها توصيف المباني المتضررة والتثبت من ملكيتها وملكية المقتنيات الخاصة والأنقاض، ويتم بيع الأنقاض وما في حكمها التي تزيلها وترحّلها الوحدة الإدارية من الأملاك العامة والخاصة بالمزاد العلني، وتودع لدى أحد المصارف العامة وتجمد قيمتها لصالح أصحاب الاستحقاق الذين تثبت ملكيتهم كل بحسب المساحة الطابقية التي يملكها، ويراعى إغفال أسماء المالكين الذين تصرفوا بأنقاضهم، كما تحسم من الأموال المودعة نفقات إزالة وترحيل الأنقاض التي تقوم بها الوحدة الإدارية.
القانون ٣ الخاص بالأنقاض وفر نصوص الحل لكنه لم يجد طريقه للتطبيق
ما المطلوب؟
ليس هناك أي مبرر مقبول لبقاء الوضع على ما هو عليه، والمطلوب السرعة الكلية بتشكيل لجان تنظر بواقع الأبنية المتضررة والآيلة للسقوط وحتى تلك المأهولة التي تم ترميمها من دون أي استشارة هندسية، واتخاذ القرارات المناسبة حيالها إن لجهة قابليتها للترميم والاستثمار التجاري أو السكني حسب صفتها، أو جهة ضرورة هدمها وإزالتها، وذلك لتلافي أي مخاطر قد تهدد حياة الناس في حال حدوث طارئ كالزلازل أو الهزات الارتدادية الناجمة عنها، وخاصة أن القانون ٣ آنف الذكر أوجد الآلية التي يمكن من خلالها التعامل مع الأبنية المتضررة والآيلة للسقوط، وتفعيل العمل به لم يعد يحتمل مزيداً من التأخير.