لا إحصائية رسمية حتى الآن وإنما تقديرات أكاديمية.. خسائر الزلزال ٩ أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لعام ٢٠٢٢
تشرين – إبراهيم غيبور:
كثرت الأحاديث والتأويلات الاقتصادية عن تداعيات الزلزال الذي أصاب عدة محافظات سورية وتأثيره على الناتج المحلي الإجمالي، وربما على الاقتصاد بشكل عام، وبدأت تتهافت أرقام من هنا ونسب من هناك ملأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، فما تأثير التداعيات المدمرة للزلزال على الاقتصاد، وكيف انعكست صورتها في مؤشر الناتج المحلي..؟
أكاديميون يقدرونها بـ ٤٤.٥٣٥ مليار دولار
الزلزال الذي ضرب بقوة ودمر مناطق واسعة في شمال وغرب سورية وتحديداً في محافظات حماة وحلب واللاذقية ومدينة جبلة، تسبب بمأساة كبيرة للأفراد والأسر حسب الدكتورة لمياء عاصي وهي وزيرة سابقة وخبيرة اقتصادية، حيث تجلت تلك المأساة بانهيار آلاف المنازل والمحال التجارية، وكذلك توقفت الكثير من المنشآت الإنتاجية مثل معامل في محافظتي حلب واللاذقية إضافة إلى تضرر الإنتاج الزراعي.
وبالرغم من عدم وجود أرقام وإحصاءات دقيقة، فقد قدرت الخسائر الناجمة عن الزلزال بأضعاف الناتج المحلي الإجمالي لسورية بـ 44.535 مليار دولار حسب وسطي الأسعار العالمية، في حين أن الناتج المحلي الإجمالي لسورية عام 2022 بلغ 25 تريليون ليرة سورية، (أي ما يعادل 5.5 مليارات دولار), وتؤكد عاصي أن هذه الأرقام تم تقديرها في ندوة أقامتها جامعة دمشق لأكاديميين اقتصاديين، لافتة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2010 بلغ 60 مليار دولار، ولكنه انكمش كثيراً بفعل تداعيات الحرب الطويلة التي عانتها البلاد منذ 2011.
وحتى هذه اللحظة لم يُعرف حجم الدمار الذي لحق بالمنشآت الصناعية والمعامل وغيرها من الورشات، ولكن الإحصائية الرسمية التي صدرت مؤخراً تؤكد أن عدد المباني التي انهارت مباشرة في المحافظات المنكوبة لحظة وقوع الزلزال 199 مبنى، وفي محافظة اللاذقية 336 مبنى يجب إخلاؤها وهدمها، وعدد المباني المتضررة بنسبة 60% وتحتاج التدعيم 1697 مبنى، والأبنية المتضررة بنسبة 20% وتحتاج صيانة بسيطة 5819 مبنى، كما سجل عدد المباني التي تم فحصها في حلب 6430 مبنى، منها 198 مبنى متضررة بشكل كامل، و1093 بحاجة تدعيم، كما توجد أكثر من 600 مدرسة متضررة منها ما يحتاج إلى هدم وإعادة بناء، ومنها لبعض إجراءات الصيانة.
وتعود الدكتورة عاصي لتتوقع ارتفاع مستوى الدين العام بسبب الإنفاق الحكومي الضروري لتأمين المأوى والمتطلبات الضرورية لمئات آلاف الأسر، وهذا سيسبب المزيد من ارتفاع معدل التضخم المرتفع أصلاً، والمعروف عن التضخم بأنه أصل الشرور الاقتصادية كلها، لذلك التأثيرات الاقتصادية نتيجة الزلزال ستكون كبيرة وستزيد معاناة الناس.
وعن سعر الصرف وتأرجحه بين الفينة والأخرى، لم تشر الدكتورة عاصي إلى تأثير الزلزال على منحنى السوق، ولكنها أكدت أن المنحنى البياني لسعر الصرف يشهد ارتفاعاً دائماً نتيجة لعدة عوامل أهمها، انكماش الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك زيادة المستوردات وانكماش إيرادات الدولة العامة بسبب التضخم، إلى جانب ارتفاع إجمالي العجز المالي في موازنة الدولة واللجوء الى التمويل التضخمي لتغطيته، ولا ننسى أيضاً المضاربة التي تساهم كثيراً في رفع سعر الصرف حتى من دون وجود عوامل اقتصادية مساعدة، لأنها تستند عموماً إلى توقعات السوق إضافة للتحكم بقوى العرض والطلب.