البريد المنتعش بأرباحه ينافس “الخاص” بالأسعار والخدمات.. والتخوف قائم من عدم التعاون وتحفظ بعض الجهات العامة
تشرين – محمد زكريا:
بعد أن عاشت وتذوقت طعم ومرارة الخسارة لسنوات طويلة، ها هي المؤسسة العامة للبريد تنتقل إلى الحالة الربحية من خلال سعيها إلى تقديم خدمات بريدية متعددة، المهم أنها استغنت في هذا الوقت بالذات عن الإعانات المالية المقدمة لها من وزارة المالية كتمويل لنفقاتها الجارية، بعدما كانت تعاني لسنوات طوال من العجز الكلي في انفاقها المالي.
حزمة مشاريع
هذا التحول النوعي في أداء المؤسسة من واقع الخسارة إلى الربح حسب مدير عام المؤسسة المهندس حيان مقصود ناتج عن اتباع المؤسسة عدة أساليب أهمها المتابعة اليومية للعمل والوقوف على المشاكل ومعالجتها بشكل فوري، إلى جانب إدخال الأتمتة لكثير من خدمات المؤسسة، ومنها خدمة الحوالات والحسابات، وبالتالي هذا الأمر أدى إلى زيادة الإيرادات، وأوضح مقصود ل تشرين ان المؤسسة استطاعت الدخول على خط المنافسة مع الشركات الخاصة في تقديم الخدمات البريدية ولاسيما في الأسعار والخدمات من خلال التعاطي المرن في تقديم الخدمات والتخفيف من التعقيدات الإدارية وتبسيط الإجراءات وحل المشكلات العالقة بشكل فوري، مبيناً أن المؤسسة تقود حزمة من المشاريع، والتي تركز على تطوير منظومة عمل المؤسسة وتقديم خدمات بريدية وإلكترونية جديدة وإطلاق مشاريع التجارة الإلكترونية، والاهتمام بإعادة هندسة إجراءات العمل وأتمتها وإحداث مراكز خدمة المواطن، وتحديث وتطوير الهيكلية الإدارية للمؤسسة، منوهاً بأن المؤسسة قامت بتفعيل عدة مكاتب تابعة لها وتقديم كل الخدمات ضمن هذه المكاتب بعد أن تم تجهيزها فنياً، حيث فاق عدد هذه المكاتب المؤتمتة 180 مكتباً منتشرين على كامل الجغرافيا السورية، لافتاً إلى أن المؤسسة وضعت خطة لتفعيل العمل في كافة مكاتب المؤسسة تباعاً، والتوسع في مركز المعطيات الرئيسي في المؤسسة من ناحية تطوير التجهيزات الفنية. وبخصوص مشروع أتمتة أعمال وخدمات المؤسسة أوضح مقصود أن الغرض من المشروع هو القيام بالأتمتة الشاملة لخدمات المؤسسة وتطويرها وأتمتة أعمالها الإدارية والمالية والمحاسبية، وأرشفة وثائقها إلكترونياً، وإنشاء بوابة إلكترونية لخدماتها، وإنشاء تطبيق برمجي خاص بالمؤسسة، فضلاً عن إطلاق منظومة الحوالات المالية عبر منظومة SPS، وسيتم استكمال منظومة البريد السوري وإضافة بقية الخدمات التي تقدمها المؤسسة للمنظومة، إلى جانب إنجاز منظومة دفع برمجية واحدة لكل الخدمات المالية للبريد، وهي مستثمرة حالياً لخدمات رواتب المتقاعدين والحوالات البريدية وتعويضات المسرحين، ناهيك عن البدء باستثمار منظومات ERP في الإدارة المركزية تمهيداً لتعميمها على جميع الفروع، وفي مجال النقل والانتقال قال مقصود: إنه تم إقصاء الناقل البريدي والذي يعتبر مرهقاً ومكلفاً للمؤسسة، وتم العمل على نقل البريد الرسمي عبر آليات البريد رغم أوضاعها الفنية المتوسطة، كما أن المؤسسة حصلت على موافقة لشراء 5 سيارات فان و25 دراجة نارية.
إيرادات محققة
المدير المالي للمؤسسة فادي قاسم راضي أوضح أن المؤسسة حققت تقدماً ملحوظاً في الإيرادات مقارنة بالأعوام السابقة، حيث إنها لم تتلقَ أية إعانة من وزارة المالية لتمويل نفقاتها الجارية، معتمدة على مواردها الذاتية الناتجة عن الخدمات المقدمة للزبائن لتمويل موازنتها الجارية من خلال التوسع في تقديم الخدمات البريدية، وأوضح راضي ل تشرين أن المؤسسة استطاعت أن تصل إلى حالة التوزان المالي، من خلال انتقالها من حالة الخسارة إلى الربحية، مع مراعاة البعد الاجتماعي لطبيعة الخدمات المقدمة من قبلها، والمتمثلة في دفع رواتب المتقاعدين على نظامي التأمينات الاجتماعية والتأمين والمعاشات، ودفع تعويضات العسكريين والمسرحين وغيرها من الخدمات، ويظهر التقرير الصادر عن المؤسسة حجم الإيرادات لبعض الخدمات البريدية، حيث وصل الإيراد التقديري لخدمة البريد العاجل الخارجي للعام الفائت إلى نحو 150 مليون ليرة يقابله 241.7 مليون ليرة للعام الذي قبله، في حين يقدر إيراد خدمة الطرود للعام الفائت بنحو 4 ملايين ليرة فقط، يقابله 15 مليون ليرة للعام الذي قبله، فيما وصل التقدير ولنفس الفترة لإيرادات كل الحوالات لنحو 243.2 مليون ليرة، مقابل 325 مليوناً، وأما خدمة اليانصيب فوصل تقديرها إلى نحو 45 مليون ليرة،يقابلها مليار ليرة
فرص عديدة
يشار إلى أن المؤسسة لديها العديد من الفرص التي يمكن استثمارها، منها الاستفادة من الانتشار الجغرافي لمراكز البريد بإطلاق خدمات بريدية شاملة، وإمكانية مشاركة القطاع الخاص بها كشريك استراتيجي في تطوير وتحديث قطاع البريد، إضافة إلى التطور المتزايد لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من قدرة المؤسسة على المنافسة، مع إمكانية استثمار العقارات والأبنية البريدية بمراكز المحافظات.