مُبادرة لاتحاد الفنانين التشكيليين بإقامة معارض ومزادات إغاثيّة لمنكوبي الزلزال
تشرين-لبنى شاكر :
التمهل قليلاً أو حتى انتظار أشهرٍ وسنوات قبل الشروع في عملٍ فنيٍّ يُحاكي فاجعة الزلزال، وجهة نظرٍ يستند إليها فنانون كثر، ولاسيما مع اجتياح وسائل التواصل الاجتماعي الهائل لردات الفعل المباشرة لمن عايشوا الواقعة، تالياً المُنتظَر من أي لوحةٍ أو أغنيةٍ أو مسلسل، أبعد من الانطباع والتأثّر، وأكثر عمقاً من مجرّد تكرار ما حدث، وعلى أن هذه الفكرة تلقى تأييداً واسعاً، لكنها تبدو في المقابل، تأجيلاً لما لا يُمكن التراخي معه عند تشكيليين، بدؤوا سريعاً وربما أنهوا لوحاتٍ عن الواقعة، في وقتٍ اتجه فيه عددٌ كبير من نظرائهم للتعاطي إسعافياً مع ما يجري، وخصصوا ريع معارضهم وأعمالهم لدعم أهلنا من المُتضررين، وهو ما دعا إليه مكتب المعارض المركزي في اتحاد الفنانين التشكيليين بعد أيامٍ قليلة من الكارثة، لِتأتي تباعاً معارض فنية ومزادات في مختلف المحافظات، بدأت مُؤخراً في حمص وحلب.
تعليقاً على ما سبق، يقول عضو المكتب التنفيذي ورئيس مكتب المعارض حسين صقور (الفينيق) لـ «تشرين»: «تفاوت ردات الفعل تجاه الحدث الأليم طبيعي، لكنها تتفق جميعها على هول المُصاب بدايةً، ومن ثم كان من ضمنها ما أعطى بإنسانيته أعمالاً خيرية وإسعافية، كلٌّ وفق إمكاناته ورؤاه، من هنا كانت مبادرة اتحاد الفنانين التشكيلين باستقطاب الداعمين والمتبرعين، والدعوة للراغبين في تقديم ريع أعمالهم لمنكوبي الزلزال، التوجه إلى فروع الاتحاد في المحافظات، حيث يجري التحضير لفعاليات تخدم هذه الغاية».
مبادرات الفنانين التشكيليين السريعة بتقديم ريع أعمالهم للإغاثة، تؤكد حضورهم مُجتمعياً بغض النظر عن ظروفهم، وهم كما، يقول صقور، الحلقة الأضعف والأكثر تأثّراً وتضرراً في السنوات الأخيرة وما زالوا، لكنهم كانوا كما لاحظ الجميع المبادرين الأوائل عبر صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي لمساعدة الأهل، يُشير أيضاً: «التوجيه بإقامة معارض ومزادات في فروع الاتحاد، تعني في جزءٍ منها أن العطاء متبادل بين الفنان الذي يُقدم أغلى ما يملك نتاج روحه، والمُقتني الواعي لقيمة دوره؛ إغاثة إخوتنا وهو الهدف الأسمى، وامتلاك تُحفة ذات قيمة تصاعدية، ومن البدهي أن نتوجه للفنانين المُتضررين أولاً، لتتسع الدائرة شاملة قطاعاتٍ أخرى ومُتضررين آخرين».
لا يضع الاتحاد شروطاً للأعمال التي ستُعرض، من ناحية الموضوع والارتباط المباشر بالحدث، تاركاً لكل فنان اختيار ما يراه ملائماً، أما صقور فيرى أن الخطابات غير المباشرة سواء في الأعمال الفنية أو الأدبية هي الأكثر مصداقية وتعبيراً، يقول: «تلك الصور الباقية في ذاكرتنا والمتفاعلة مع خلجات الروح، هي التي تُنتج العمل الأكثر فرادةً وإبداعاً لأنها تحمل بين طياتها النبوءة لزمنٍ وحدثٍ قادم من جهة، وتُجسّد خلاصة التاريخ العالق فينا من جهةٍ أخرى، الأحداث تتشابه وتُعيد ذاتها بأشكال مختلفة، حين عدت لصور أعمالي السابقة وجدتها جميعها تحمل تلك النبوءة بما حدث».