المعهد المتوسط للفنون التطبيقية دُمر بالكامل.. العدوان الصهيوني يستهدف التاريخ مع الجغرافيا والقانون الدولي أيضاً
سناء هاشم- بديع صنيج
أعلنت المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية، اليوم الأحد، أن القصف الإسرائيلي الذي وقع فجر اليوم على دمشق ومحيطها تسبب بأضرار كبيرة في قلعة دمشق طالت المكاتب الإدارية للقلعة بجانب دمار كبير في معهد الفنون التطبيقية والمعهد المتوسط للآثار، وكلها مؤسسات تعليمية، مبينةً أن الفرق الفنية التابعة للمديرية تقوم الآن بمسح أولي لتقييم الأضرار.
وقد أدان المدير العام للآثار والمتاحف محمد نظير عوض من خلال تصريح لـ«تشرين» العدوان الإسرائيلي الذي استهدف قلعة دمشق هذا وقد تسبب العدوان الصهيوني بإصابات كبيرة في المعلم الأثري المهم.. وفي التفاصيل تحدث عوض عن سقوط صاروخ في قلب القلعة وتسبب بدمار واسع فيها. كما تعرض المعهد المتوسط للآثار والمتاحف، وهو عبارة عن مبنى تاريخي، لدمار في أجزاء منه وتصدّع في المبنى ودمار في الأثاث، وحسب عوض، لم يعد المعهد صالحاً لاستقبال الطلاب نتيجة ذلك.
ويضيف مدير الآثار: إن المعهد المتوسط للفنون التطبيقية دمّر بشكل كامل، وبيّن أن المعهد يحتوي على أجهزة مهمة جداً مخصصة للتدريب على التصوير السينمائي إلى جانب مجموعة من الحواسيب المهمة. إضافة إلى المعهدين اللذين طالهما الاعتداء واللذين لا يحملان أي صفة عسكرية، كما دمّر العدوان الإسرائيلي أيضاً مبنى إدارة قلعة دمشق وهو مبنى مهم فيه الكثير من أجهزة المساحة والتصوير الفوتوغراميتي وأجهزة القياس وأجهزة النمذجة الثلاثية الأبعاد وهي أجهزة غالية الثمن قامت المديرية العامة للآثار والمتاحف بشرائها على مدى عشرين عاماً وقد دمرها العدوان بشكل كامل.
وأشار عوض إلى أن العدوان الإسرائيلي صباح اليوم دمر أيضاً الأرشيف العلمي الخاص لمشروع ترميم وصيانة قلعة دمشق وهذا الأرشيف باهظ الثمن استهلك الكثير من الجهود والأموال لتحصيله، وبذل المهندسون في مديرية الآثار سنوات من حياتهم على هذا الأرشيف. ولفت إلى أن هذا العدوان طال معلماً أثرياً محمياً بموجب الاتفاقيات الدولية من أي تعدٍّ عليه خلال الحروب وهو أساساً معلم مدني تربوي ثقافي سياحي مجتمعي، موضحاً أن المديرية العامة للآثار والمتاحف تقوم حالياً بتقييم الأضرار الحاصلة وسيكون خلال اليوم هناك تقرير مفصل ونهائي.
وختم عوض بأن مكان سقوط الصاروخ ليس بعيداً عن الأسوار الأثرية وعن المكونات الأثرية لقلعة دمشق، كما أصيب عامل بشظايا عديدة وتم نقله إلى المشفى.
يذكر أن قلعة دمشق هي قلعة محصنة أُنشئت في العصور الوسطى، وتعدّ من أهم معالم فن العمارة العسكرية والإسلامية في سورية منذ العصر الأيوبي، وقد أدرجت في قائمة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي عام 1979 ميلادي. وتقع قلعة دمشق في الركن الشمالي الغربي من أسوار العاصمة، بين باب الفراديس وباب الجابية، وهي جزء من مدينة دمشق القديمة، ويحيط بها خندق عرضه نحو 20 متراً.
وتقدر مساحة القلعة اليوم بنحو 33176 متراً مربعاً، وتوجد فيها ثلاثة أبواب، شكلها مستطيل غير منتظم بأضلاع ليست مستقيمة، وفيها 12 برجاً، يتألف كل برجٍ فيها من عدة طوابق، ويحتوي كل طابق على ردهة واسعة معقودة بحجارة ضخمة مدببة وعادية، كما أن كل طابق مجهز بشرفات بارزة عددها ما بين أربع وخمس، كما تم تزيين أعلى الأبراج بأفاريز وشراشيف مدرجة، وأبواب مقرنصة، أما سماكة جدرانها فهي ثلاثة أضعاف غيرها لتكون أكثر مقاومة للمنجنيق، وقد كان في القلعة القصور والمنازل والحوانيت ومسجد أبي الدرداء ودار رضوان والطارمة ودار المسرة ومخازن وطاحونة للحبوب، وقد سكن القلعة في عصور مختلفة السلاطين والملوك والأمراء والولاة، إضافة للفقهاء والعلماء والوزراء.
أما في العصر الحديث فتحولت القلعة إلى معلم سياحي وثقافي وتعليمي، إذ درجت العادة على أن تحتضن ضمن قاعة العرش وفي باحتها الشاسعة الكثير من المعارض التشكيلية والحفلات الفنية إلى جانب ورشات العمل في النحت والتصوير الضوئي وغيرها من تصنيفات الفنون الجميلة.
كما تحتضن القلعة بين جنباتها المعهد التقاني للفنون التطبيقية الذي يعدّ من أهم المعاهد التي خرَّجت الكوادر الفنية في سورية بعدد من المجالات الإبداعية منذ تأسيسه عام 1987، وهو معهد متوسط تابع لوزارة الثقافة ومدة الدراسة فيه سنتان، ويتضمّن أربعة أقسام تميّز منها قسم النحت بمستوى تعليمي تقني عالٍ، حيث يتم تدريب الطلاب على خامات وتقنيات مختلفة من خشب وحجر وعمليات سكب برونز والقولبة. كما يضمّ قسماً للتصوير الضوئي وقسمين آخرين للخزف والخط العربي، وهو يشكل رديفاً حقيقياً لكلية الفنون الجميلة وبقية المعاهد التي تعنى بالفن التشكيلي عموماً.