الأزمة التي نعيشها اليوم بكل أبعادها الاقتصادية منها والاجتماعية، ليست كبقية الأزمات التي تعرض لها بلدنا, وحتى في كثير من بلدان العالم، لا بل هي الأخطر منذ عقود مضت، لأنها مؤامرة كونية حاكت خيوطها دول استعمارية كبرى، ونفذتها أيادي التدمير والتخريب من عصابات إرهابية تدعمها مئات الدول لتدمير بنية الدولة السورية، وتفكيك بنيتها الاقتصادية والاجتماعية والتي بدأت منذ أكثر من 12 سنة مضت وكارثة” الزلزال اليوم” أظهرت هول ما دمر، وحجم الدمار والخراب الذي خلّفته سنوات الحرب, والأخطر العقوبات الاقتصادية والحصار الاقتصادي اللذان تركا آثاراً سلبية على الحياة السورية بصورة مباشرة, الأمر الذي عكس فقدان الدولة لكثير من أسباب المعالجة الفورية للكوارث الطبيعية وغيرها، وتأمين حاجة الناس بالسرعة المطلوبة، وعلى الرغم من ذلك كانت الاستجابة على قدر كبير من المسؤولية حكومة وشعباً لتداعيات الكارثة بغض النظر عما هو متوافر من إمكانات مادية وبشرية..
فالحصار الاقتصادي وعقوباته الظالمة والانعكاس السلبي لهما على الواقع المحلي فرض مفردات جديدة يستفيد منها قلة على حساب الكثرة، وهذه الظاهرة تفرزها الحروب والأزمات، ولا تحمل شيئاً جديداً بمفعولاتها، فكل الدول التي عانت ما عانته سورية قبل الأزمة الحالية، والحرب الكونية وما زالت مستمرة المعاناة، ظهرت لديها هذه القلة التي تتاجر بقوت الناس وتلعب بمقدرات الاقتصاد، وتنمو بصورة سريعة على كتف الأزمات, وهذا لمسناه كثيراً، واليوم يظهر بصورة تعكس تصرفات هذه القلة سواء من خلال الاستفادة من نتائج كارثة الزلزال واستثمار المعونات المقدمة، سواء من الخارج أو من أهل البلد، عبر المنظمات والتجمعات الأهلية وحتى التدخل الحكومي من خلال مؤسساته التي تمسك زمام المبادرة وتحقق من خلالها حالة تشاركية مع المجتمع المدني والأهلي, وهذا ما بدا واضحاً خلال التعامل مع الكارثة وتأمين حاجة المواطنين المتضررين, وهذه حالة على مستوى الكل..!
والسؤال هنا ماذا يشكل فريق القلة الذي استغل الكارثة وقبلها الأزمات المتلاحقة, وممارسة سلوك الفائدة ولو على حساب الشهداء والجرحى وضحايا الكارثة، وحتى الحالات الإنسانية وهنا لا أبرر, وإنما أظهر الطرف الآخر، والنظر إلى القسم “المملوء من الكأس” الذي يشكل الأداء الحكومي ومن معه من فرق الإنقاذ المحلية والخارجية والمعونات الإنسانية من دول وجمعيات أهلية ومنظمات دولية وغيرها والتي شكلت حالة إسعافية تفوق كل السلبيات، التي يرتكبها أفراد هم قلة تحكمهم أخلاق رخيصة وسلوك إنساني وضيع، ينبغي على الدولة بأجهزتها قمع هذه الظاهرة التي تظهر مفرداتها على قارعة الطريق والأرصفة والمحال التجارية وغيرها..!
وهنا التقصير من أجهزة الرقابة الحكومية وقبلها رقابة المستهلك الذي يسمح لانتشار هؤلاء وتضاعف أعدادهم مستغلين ظروف المعيشة الصعبة
وتدني مستويات الدخل وانشغال الدولة بأزماتها المتلاحقة..؟!
وبالتالي مسؤولية المعالجة مشتركة، فقط تحتاج شجاعة المواطن أولاً، وصدق التنفيذ من أهل الرقابة وأدواتهم في الأسواق ثانياً, عندها تختفي ظاهرة “حرامية الأزمات” ومن يروج لها والحديث عنها سواء في السلب أم في الإيجاب..؟!
Issa.samy68@gmail.com
سامي عيسى
165 المشاركات