طفل جائع.. والعقوبات تمنع.. نقيب صيادلة دمشق لـ«تشرين» زيادة كميات حليب الأطفال في المناطق المنكوبة على حساب حصة العاصمة
تشرين – نور ملحم:
“ابني جوعان بدي علبة حليب بأي طريقة” بهذه الكلمات خاطبت ميساء صاحب الصيدلية في منطقة المزة ” بالشيخ سعد” فقلب الأم لم يتحمل بكاء طفلها الذي لم تعد الرضاعة الطبيعية تكفيه .
تقول الأم الثلاثينية لـ ” تشرين “: منذ يومين وأنا أبحث عن علبة حليب لم أجد أي نوع منه في الصيدليات وطفلي بعمر 4 أشهر لا يمكن أن أطعمه أي نوع من الطعام، و جف حليب صدري بعد الخوف الذي أصابني منذ 10 أيام نتيجة الهزات الشديدة التي ضربت سورية.
البحث عن حليب الأطفال لم يقتصر على العائلات التي لديها أطفال في دمشق فقط بل طال المحافظات المكنوبة فالبحث عن علبة لطفل جائع كالبحث عن “إبرة في كومة قش” ، فلم تعد القضية متوقفة على السعر بل على الحصول عليه.
مشكلة العقوبات
يتحدث الصيدلاني زياد لـ ” تشرين” أن مشكلة حليب الأطفال “تتعلق بالاستيراد والعقوبات الاقتصادية الجائرة التي يعاني منها المستوردون، من ضرائب عالية ولكن بعد صدور القرار المركزي الجديد أصبح لدينا أمل أن تتوفر المادة بحكم الإعفاءات التي قدمت لتسهيل تأمين المادة .
مضيفاً في الآونة الأخيرة شهدت الكثير من حالات شراء حليب الأطفال من قبل أشخاص في الدول المجاورة لبنان والأردن والعراق وإرسالها إلى أقاربهم في سورية بسبب عدم توفرها .
وكان قد أصدر مصرف سورية المركزي قراراً لتسهيل استيراد المادة وتأمينها في الأسواق من خلال استثناء حليب البودرة المجفف من البنود الجمركية والسماح بالاستيراد المباشر وتخليص البضاعة أي كان تاريخ وصولها إلى الأمانات الجمركية.
بالمقابل تصدرت مشكلة تأمين حليب الأطفال الصفحات الزرقاء حتى بات بعض أصحاب المبادرات طلب تأمين الحليب من قبل فنانين ورجال أعمال سوريين وعرب مما لاقى استياء لدى البعض بحجة أن الموضوع أصبح أشبه بالتسول والبعض الآخر وجدها نوعاً من التشجيع على فعل الخير وتأمين قوت طفل جائع .
أربع شركات تستورد فقط
بدوره أكد نقيب صيادلة دمشق حسن ديروان في تصريح لـ ” تشرين” أنه وفي ظل كارثة الزلازل يتم زيادة توزيع كميات حليب الأطفال في المناطق المنكوبة على حساب حصة دمشق ليتم تغطية حاجة المحافظات المتضررة لافتاً إلى أن الصيدليات المركزية التابعة لنقابة الصيادلة توفر المادة دائماً لكن بشكل مقنن وعبر دفتر العائلة حتى تصل للجميع، إضافة لتأمينها من قبل العديد من الجمعيات والنقابات حيث تم تقديم كل التسهيلات بين الشركات المستوردة والجمعيات لتكون العملية منظمة وبعيدة عن العشوائية.
وأشار ديروان إلى أن العقوبات الاقتصادية أثرت بشكل كبير على تأمين المادة بسبب صعوبة تحويل النقود لاستيراد المادة إضافة إلى الوقت الطويل في الشحن لوصولها إلى الميناء ، مبيناً أنه يتوافر حالياً في الأسواق صنف جديد من حليب الأطفال إلى جانب الأنواع الأخرى من حليب الأطفال المستورد المتوافرة ولو بكميات قليلة وتوزع على الصيدليات على شكل حصص، معتبراً أن وجود نوع جديد يحل جزءاً من مشكلة نقص كميات الحليب التي تباع في الصيدليات ، بحكم أن عدد الشركات التي تقوم باستيراد حليب الأطفال هي أربع شركات فقط وبكميات بسيطة جداً.
علبة حليب كل يومين
ووصل سعر علبة حليب الأطفال إلى الضعف بحكم الكميات المحدودة التي توزع على الصيدليات رغم أن سعر عبوة حليب النان ١٩٠٠٠ ليرة سورية، أما الكيكوز ١٥٥٠٠ ليرة سورية، أما بالنسبة لشركة بيومي الفرنسية فيصل سعر العبوة ل ٣٣٠٠٠ ليرة سورية ويصل إليهم ٥ عبوات من بيومي كل أسبوع.
ويعد الموزع الرئيسي لحليب الأطفال شركة نسلة وتوزع حليب النان والكيكوز والنيدو، وبالنسبة للنيدو فهذا النوع مقطوع منذ أكثر من ٦ أشهر ، أما النان والكيكوز فيطلب من المستودع مع طلبية الدواء لكن الكميات التي تصل للصيدليات لا تتعدى العبوتين من كل صنف كحد أقصى.
ويحتاج الطفل إلى علبة حليب واحدة كل يومين تقريباً، أي ما يعادل 60 ألف ليرة سورية بشكل أسبوعي، وهو ما تضطر العديد من العائلات إلى الاستدانة مقابل شراء كمية من حليب الأطفال لأطفالهم، لأن الدخل الشهري لا يتناسب مع ارتفاع سعر العلبة الواحدة إلى هذا الحد.