سورية تجدد مناشدة المجتمع الدولي لتقديم المساعدات: الإجراءات القسرية لا تقل دماراً عن تأثيرات الزلزال
تشرين:
جددت سورية مناشدتها جميع الدول تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من الزلزال الذي تعرضت له، والابتعاد عن التسييس، فالوقت يمضي وأعداد الضحايا في تزايد، مشيرة إلى أن التباطؤ الدولي كان ملحوظاً في مد يد العون جراء الإجراءات الاقتصادية الغربية القسرية غير الشرعية المفروضة عليها والتي لا تقل دماراً عن تأثيرات الزلزال أو الكوارث الطبيعية الأخرى.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ خلال اجتماع خاص لمجلس الأمن اليوم حول تداعيات الزلزال على الوضع في سورية: أسبوع مضى على الزلزال المدمر الذي تعرضت له سورية أدى في حصيلة أولية إلى وقوع آلاف الوفيات والإصابات وانهيار مئات المباني السكنية وتصدع غيرها وإلحاق أضرار بالغة بالبنى التحتية والمرافق الخدمية والحيوية، ولا تزال الخسائر البشرية والمادية في ازدياد حتى الساعة، وسارعت الدولة فوراً إلى وضع خطة تحرك طارئة على المستوى الوطني استنفرت فيها جميع الوزارات والمؤسسات والجهات المعنية لمواجهة تداعيات هذا الزلزال.
وبيّن صباغ أن مجلس الوزراء أقر في جلسة استثنائية طارئة اعتبار المناطق المتضررة في محافظات حلب واللاذقية وحماة وإدلب مناطق منكوبة نتيجة الزلزال الذي أصابها وبما يترتب على ذلك من آثار، ووجه بالعمل على تسهيل عمليات مرور وإدخال المساعدات والإعانات والمنح العينية المقدمة من الدول والمنظمات الدولية إلى تلك المحافظات الأربع المنكوبة، وبما يسهم في إيصالها لمحتاجيها وبالسرعة القصوى.
ولفت صباغ إلى أن سورية لم تكن قادرة وحدها على التعامل مع مثل هذه الكارثة غير المسبوقة وذلك جراء تداعيات الحرب الإرهابية التي شنت عليها منذ 12 عاماً والحصار الخانق المفروض على شعبها جراء الإجراءات الاقتصادية الغربية القسرية أحادية الجانب، فالقطاع الصحي ضعيف ومستنزف بسبب هذه الإجراءات وهو بحاجة لترميم شامل للنقص الكبير في تجهيزاته ومعداته الطبية والأدوية، وبالتالي لم يمكنه تلبية احتياجات الحالات الطارئة والإغاثية مثل الزلازل أو الجوائح، أما الآليات الهندسية ومعدات الحفر النوعية اللازمة لعمليات الإنقاذ والإغاثة في مثل هذه الحالات فقد خسرت سورية أكثر من 50 ألف آلية خلال سنوات الأزمة نظراً لاستيلاء الإرهابيين عليها أو تدميرها واستخدامها لأغراضهم المعروفة، وقد فاقم الطقس البارد جداً المعاناة الإنسانية وأثّر سلباً على العمليات الإغاثية الجارية.
وأشار مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى أنه بالنظر إلى أن أي دولة كبيرة أم صغيرة بما في ذلك سورية لا يمكنها تحمل العبء بمفردها في التعامل مع تداعيات هذه الكارثة الإنسانية، كان لا بد من طلب الدعم الدولي لتقديم المساعدة العاجلة، ولهذا ناشدنا الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة والأمانة العامة للمنظمة ووكالاتها وصناديقها المختصة واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من شركاء العمل الإنساني مد يد العون ودعم جهود الدولة في مواجهة هذه الكارثة الإنسانية سواء في أعمال البحث عن أحياء وإنقاذ العالقين تحت الأنقاض وانتشال الجثامين أو تقديم المساعدات الغذائية والصحية ولوازم الإيواء والإطعام للمتضررين.
وبيًن صباغ أن سورية أكدت منذ اليوم الأول لوقوع الزلزال استعدادها وتعاونها لإيصال المساعدات الإنسانية من الداخل إلى جميع المناطق بما في ذلك عبر الخطوط إلى مناطق شمال غربها وبإشراف الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر العربي السوري لضمان وصول المساعدات إلى محتاجيها، وقد أكد مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق الإغاثة في حالة الطوارئ الموجود حالياً في دمشق استعداد سورية للتعاون مع الأفكار التي طرحتها الأمم المتحدة سواء عبر الحدود أو الخطوط.
وأوضح صباغ أن سورية كانت وافقت على الخطة التشغيلية التي وضعها مكتب المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة الإنمائية والإنسانية في سورية لتسيير قوافل مساعدات عبر الخطوط إلى مناطق شمال غرب سورية لمدة ستة أشهر، كما منحت الموافقة على تسيير قافلة مساعدات من محافظة حلب إلى مدينة سرمدا في محافظة إدلب “سرمدا 11” إلا أن قافلة المساعدات انتظرت عدة أيام جراء التأخر المتعمد عدة مرات لأسباب وذرائع غير مبررة هي “القدرة اللوجبستية والتشغيلية لدى الطرف الآخر” لكن حقيقة الأمر هي منع تنظيم (هيئة تحرير الشام الإرهابي) ومشغليه الذين يحتجزون أهلنا في شمال غرب سورية رهائن دخول قافلة المساعدات الإنسانية لتحقيق مكاسب للإرهابيين على الرغم من هول الكارثة وضخامة المعاناة.
ولفت صباغ إلى أن سورية عبرت مراراً عن التزامها بإيصال المساعدات الإنسانية لمواطنيها أينما وجدوا على أراضيها، وهي تؤكد مجدداً على أن شمال غربها جزء من أراضيها، وأهلنا هناك جزء من الشعب السوري ولن تقبل بأن يتم تقسيمه بناء على الخطوط التي ترسمها الجماعات الإرهابية، ولهذا دعمت سورية إدخال المساعدات إلى تلك المنطقة عبر جميع المعابر الممكنة من الحدود ومن داخل سورية لمدة ثلاثة أشهر لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الأهل في شمال غرب سورية.
وأعرب صباغ عن شكر سورية وتقديرها للدول التي تضامنت معها وسارعت للاستجابة لحاجات شعبها في هذه الظروف الصعبة موضحاً أنه رغم النداءات الدولية المتواترة لعدم تسييس كارثة الزلزال، وعدم تأخير إيصال المساعدات الإنسانية للسوريين إلا أن التباطؤ الدولي كان ملحوظاً في مد يد العون، لهذا فإن سورية تجدد اليوم نداءها لجميع الدول الأخرى لتقديم مساعداتها الإنسانية للسوريين المتضررين من الزلزال والابتعاد عن التسييس وتدعو إلى عدم التمييز بين المتضررين من الزلزال.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة: إن الوقت يمضي وأعداد الضحايا في تزايد وفرص العالقين تحت الأنقاض بالنجاة تقل لهذا فإن الأولوية اليوم هي لإزالة الأنقاض وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح وتقديم الرعاية الصحية الكاملة لمن تم إنقاذهم في المشافي وتأمين مراكز الإيواء لمن تضررت منازلهم جراء الزلزال إضافة إلى أن هناك حاجة لتقييم حجم الأضرار في المباني المتأثرة بالزلزال والتأكد من السلامة الإنشائية لها بما يمكن قاطنيها من العودة إليها بأمان كما أن ترميم البنى التحتية المتضررة مثل شبكات المياه والصرف الصحي والمشافي والمدارس وكل المرافق الخدمية الضرورية لضمان عدم الوقوع في مخاطر صحية والتسبب بانتشار الأمراض أصبح أمراً مهماً جداً.
وبيّن صباغ أن منسق الأمم المتحدة في سورية أكد في تصريحات عقب الزلزال أن الإجراءات الأحادية المفروضة على سورية تضر بالجهود الإنسانية وتمنع ملايين الدولارات من المساعدات المالية من الوصول إلى المتضررين، كما حثت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة المستقلين لحقوق الإنسان المجتمع الدولي في بيان صحفي على رفع جميع القيود الاقتصادية والمالية الناجمة عن الإجراءات الأحادية المفروضة على سورية وإفساح المجال لتقديم المساعدات الإنسانية لضحايا الزلزال وطالبوا باتخاذ إجراءات عاجلة لإفساح المجال للاستجابة الطارئة الفعالة وجهود التعافي وضمان فعالية هذه الاستجابة عبر إيجاد بيئة تسمح بالتعاون الدولي وإيصال المساعدة الإنسانية دون عوائق بما في ذلك الغذاء والدواء والمعدات الطبية ومواد البناء إضافة إلى التدفق المالي لدعم هذه المساعدات.
ولفت صباغ إلى أن الخبراء المستقلين أكدوا أنه أثناء الكوارث الطبيعية وعندما تكون حياة مئات آلاف البشر على المحك فإنه من المقلق للغاية أن يواجه العاملون في المجال الإنساني تحديات مستمرة بسبب العقوبات وأن التجميد الجزئي والمؤقت لبعض الإجراءات القسرية التي اتخذتها الإدارة الأمريكية قبل يومين قد لا تكون كافية لمعالجة الآثار السلبية طويلة الأمد للعقوبات.
وشدد صباغ على أن تباطؤ إرسال المساعدات إلى سورية كان نتيجة للإجراءات الأحادية المفروضة عليها والتي لا يقل تأثيرها دماراً عن تأثيرات الزلزال أو الكوارث الطبيعية الأخرى وقال: إنها لحظة الصدق والحقيقة فهناك ما يزيد على 250 ألف مواطن سوري خرجوا من منازلهم جراء الزلزال علينا الاهتمام بهم وعدم خذلانهم، إن الصور المروعة التي شاهدها العالم عقب الزلزال يجب أن تحرك قلوب وعقول كل أولئك الذين ما زالوا متمسكين بجشعهم السياسي للتخلي عن أنانية مصالحهم وتغليب مصلحة الناس الأبرياء في سورية للحصول على ما يحتاجون وبسرعة ودون تمييز، ويجب على الجميع عدم السماح لمن نجا بأن يموت بفعل البرد أو الجوع أو نقص العلاج والدواء أو المأوى الآمن.