تداعيات الزلزال الاقتصادية والعقوبات الغربية والمهاتما غاندي؟
نعرف أن كل أنواع الخسائر تهون أمام الخسائر البشرية وزهق الأرواح البريئة ، وسورية وبعد /12/ سنة من الحرب المدمرة من قوى الإرهاب والاستعمار العالمية والمترافقة مع إرهاب اقتصادي من عقوبات وحصار جائرين مفروضين من طرف واحد ومخالفين للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة ساهما في زيادة الخسائر البشرية والاقتصادية من جراء الزلزال العنيف الذي تعرضت له سورية فجر 6/2/2023 وبلغت قوته /7.8/ درجات على مقياس ريختر، وهو من أقوى الزلازل التي ضربت سورية الحبيبة منذ عقود، وخاصة أنه أتى في ظل ظروف جوية قاسية من البرد والأمطار والثلوج وغياب متطلبات الحياة الضرورية من محروقات وكهرباء وأغذية وأدوية ووسائل الاتصال..إلخ، بسبب الحصار والإرهاب الاقتصاديين اللذين تشهدهما سورية من قبل الأعداء، وأدى هذا الزلزال إلى خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية والمساكن ..، وهي مرشحة للزيادة ولا سيما أن كثيراً من الأبنية تصدع وهي قيد الانهيار، ويأتي هذا الزلزال ليزيد من مشاكل السوريين من جراء الحرب الظالمة عليها منذ تاريخ 15/3/2012 والحصار والعقوبات وسرقة الموارد والمواسم وغيرها، ولكن نقول استيقظ الضمير عند الكثير من قيادات الدول العربية وغير العربية وبدؤوا بإرسال المساعدات وتركوا الخلافات السياسية جانبا وركزوا على القيم الأخلاقية وأحيوا نظرية ( المهاتما غاندي 1869-1942 ) حيث قال [ توجد سبعة أشياء تدمر الإنسان : السياسة بلا مبادىء – المتعة بلا ضمير – الثروة بلا عمل – المعرفة بلا قيم -التجارة بلا أخلاق – العلم بلا إنسانية – العبادة بلا تضحية] ، فهل تساعد هذه الكارثة في إحياء ما يدعى
(دبلوماسية النكبات والمصائب) وتقرب من وجهات النظر وأن يعم الاستقرار بدل الفوضى والسلام بدل الحرب وتسيطر مبادئ سيادة الدول على أراضيها وقراراتها بدلا من التدخلات الخارجية والإملاءات الأجنبية، وبخصوص هذه المأساة السورية ناشدت سورية عبر وزاراتها ( وزارة الخارجية والمغتربين- التربية- الصحة – الهلال الأحمر – الجوامع والكنائس ) وغيرها الأمم المتحدة وكل دول العالم والمنظمات الدولية وغير الحكومية لمساعدة سورية والسوريين في مواجهة هذه الكارثة الفظيعة ورفع كل أنواع العقوبات والحصار الاقتصاديين عن سورية وبما يساعد في السرعة في عمليات الإنقاذ وخاصة بالمعدات وسيارات الإسعاف والأدوية والمحروقات وغيرها، وفعلا سارع السوريون المتواجدون في الداخل وكذلك في الخارج لتقديم مساعدات عينية ومادية وعبر منظمات معترف عليها في أماكن إقامتهم لكن للأسف بعض هذه الدول منعت إرسال هذه المساعدات إلى سورية وبتوجيه من وزارة الخارجية الأمريكية، وترافق هذا مع تأكيد السيد (المصطفى بن المليح) القائم بأعمال المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا بقوله[ الآن نستخدم كل مخزونات ومستودعات الغذاء والخيام التي بحوزتنا و كانت مخصصة للتعامل مع الأزمة السورية لأكثر من عشر سنوات وسينتهي هذا المخزون قريبا ] .وهنا لست بصدد الرد على تصريحات وزارة الخارجية الامريكية وبعد أن انفضحت أساليبها وتأكيدها بأنها ليست ضد الاعتبارات الإنسانية في سورية وبأن برنامج العقوبات المفروضة من واشنطن على سورية لا يستهدف المساعدات الإنسانية المقدمة من الدول، وأنه يمكن تقديم المساعدة الإنسانية لكل مناطق سورية بناء على تقييم الاحتياجات]. وهنا نسأل بعد أن أوجه الشكر لكل من قدم دعما لسورية سواء بالدعاء أو بالوقوف مع الشعب السوري المنكوب أو بكلمة طيبة أو بتقديم مساعدة مادية عينية أو نقدية أو …إلخ ، ألا تحتاج سورية إلى معدات هندسية متطورة لإنقاذ من هم تحت الأنقاض وإزالة المخلفات؟ ألا نحتاج إلى فرق بحثية للبحث عمّن سقطت عليهم بيوتهم؟ ألسنا بحاجة إلى ادوية ودعم مادي ومالي وعيني لتقديمه للمتضريين؟ ….الخ ، وكل هذه الأمور محظورة بموجب العقوبات والحصار وقانون قيصر الأمريكي، هل يبادر الأمريكيون الشرفاء لوضع حد لإدارتهم بالرقص على آلام سورية والسوريين ؟، سنواجه هذا الزلزال كما واجهنا الزلازل الأخرى من سياسية واقتصادية ووجودية من خلال ترسيخ أسس اللهفة والمحبة السورية التي عبر عنها السوريون في الداخل والخارج وعبر انتماءاتهم السياسية والفكرية والاقتصادية، وهي كفيلة بأن تجعلنا نتجاوز تداعيات هذا الزلزال المدمر، ورحم الله كل الشهداء والضحايا وسورية ستنتصر مهما اشتدت عليها الصعوبات، ولكن يجب ان نرفع الصوت قويا وفي كل المواقع للإسراع في رفع العقوبات والحصار الاقتصاديين عن سورية، نرجو أن ترقى الدول الغربية إلى مستوى الإنسانية الذي تتطلبه مواجهة الزلزال وأن تنتصر أفكار المرحوم المهاتما غاندي العظيم على الأفكار الشريرة في مواجهة الكارثة !.