لحظات مؤلمة لن تنسى ..؟!

لم أكن أتوقع يوماً أني سأهرب خائفة من بيتي بعد اهتزاز جدرانه وسقفه وكأن الأرض تريد ابتلاعه في توقيت مفاجئ زاد الوضع رعباً، فالزلزال المدمر أتى بعظيم قوته ليخبر أنّ كل شيء قد يختفي في ثانية ولا داعي لتلك الخطط والقلق والتفكير الزائد، فقوة الله وعظمته إن حضرت عاد الإنسان إلى حجمه الصغير مهما علا شأنه وسطوته.
بعد ثوانٍ قليلة من الرعب المهول التحقت بمئات المواطنين الخائفين، الذين سارعوا إلى النزول إلى الشوارع، بعضهم حفاة أو من دون ألبسة شتوية تقيهم برد الشتاء والمطر الغزير المنهمر، فالمهم البحث عن مكان آمن يحميهم وأطفالهم من موت عابر لا يسأل عن سلطان أو مال، وقتها سقطت كل الاعتبارات المقولبة، وبدا الجميع متساوين، فتلك الخلافات غابت، وظهرت محبة السوريين عند تفقد أحوال بعضهم وتمنّي السلامة والتهنئة بظفر بحياة جديدة، لكن الخوف ظل مسيطراً بعد انتهاء الهزة المرعبة وإعطاء الضوء الأخضر للعودة إلى البيوت، التي ستبقى عند إعادة إصلاحها شاهدة على هول ما حدث.
العودة إلى البيت لم تعد محببة كالعادة، فإعادة مشهد الزلزل في مخليتك والخوف من هزة ارتدادية جعلا الإقامة فيه غير مستحبة ومخيفة، ورغم ذلك كان لا بدّ من الانتظار لحين “شقشقة” الضوء والانطلاق لرؤية ما خلّفه الزلزال، فإذا كانت بيوت المنطقة التي أقيم فيها والواقعة وسط مدينة حلب وتتمتع بمواصفات هندسية جيدة قد تصدعت، فكيف سيكون حال المناطق العشوائية المنتشرة بكثرة في العاصمة الاقتصادية، وخاصة أنها كانت تشهد انهيارات من دون زلزال، فكيف عند وقوعه، وللأسف صدق توقعي، عند رؤية أبنية بأكملها في المناطق الحديثة والعشوائية قد سويت بالأرض، وإن كان الضرر الأكبر في مناطق المخالفات، لتتجلى الكارثة في فقد عائلات عديدة أفرادها بالكامل، في فواجع يصعب محوها من الذاكرة، التي امتلأت بمشاهدات مؤلمة تركها زلزال حلب المدمر، الذي حفر الرعب في نفوس الحلبيين على مدار يومين، فعند كل هزة ارتدادية كانت مشاهد الهروب الأصعب تتكرر، حيث كانت جموع المواطنين تركض تحت المطر قاصدة الحدائق أو الشوارع أو تفضيل الركوب في السيارات لمن يملكها والنوم فيها لحين انجلاء هذه الغمّة.
بعد رؤية مصائب الناس وفقدهم أحبتهم ومساكنهم، اعتبرت نفسي من المحظوظين، وإن عشت التجربة المؤلمة ذاتها، لكن أقله لم أعش مرارة الفقد لأحبة أو سكن حتى لو شهد تصدعاً في جدرانه وسقفه، كما عاينت عن قرب أنّ المحبة في قلوب السوريين لم تمت، إذ بادروا إلى تقديم المعونة والمساعدة لبعضهم أو حتى الاكتفاء بالسؤال بكثير من الود والحب، لعلّه يكون سبيلاً للملمة آثار فاجعة الزلزال الذي سوف اتذكر يوم وقوعه بتفاصيله المرعبة ما حييت، فتلك اللحظات المرعبة صعب أن تُمحا حتى لو أقنعت نفسك أن ذاك اليوم كان يوماً عابراً وعليك العبور بعده إلى مطرح آخر إلّا في حال معالجة آثار هذا الحدث الجلل ومداومة أوجاع الناس بطريقة شافية ومبهجة عبر هدم الأبنية المخالفة وإنشاء مساكن صحية مشيدة على أسس هندسية صحيحة وفق مخططات تنظيمية بعيداً عن الفكر العشوائي والفساد، الذي أجاز بناء هذه المخالفات بلا اكتراث بأرواح البشر والقانون.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
على سيرة إعفاء مدير عام الكابلات... حكايا فساد مريرة في قطاع «خصوصي» لا عام ولا خاص تعزيز ثقافة الشكوى وإلغاء عقوبة السجن ورفع الغرامات المالية.. أبرز مداخلات الجلسة الثانية من جلسات الحوار حول تعديل قانون حماية المستهلك في حماة شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية