تمسك الإنسان بالحياة بعد الكوارث أمر طبيعي
تشرين- دينا عبد:
تمسّك الإنسان بالحياة أثناء الكوارث والمرض والمصائب أمر طبيعي، ففقدانه للشعور بالأمان خلال الزلازل أمر طبيعي أيضاً، فالمنزل الذي كان يأويه ومصدر الأمان الوحيد لم يعد يحميه، والأشخاص المقربون منه قد يرحلون إلى الأبد، وألعابه المفضلة قد تختفي فجأة، كل هذه الأشياء التي تعود عليها بحكم العادة تختفي فجأة ومن دون سابق إنذار.
د.غالية أسعيد اختصاصية الصحة النفسية ترى من وجهة نظرها أن الصدمات غير المتوقعة، كالكوارث الطبيعية والزلازل والحروب، تعمل على تمزيق الغلاف النفسي، الذي يتميّز به الأفراد، وخاصة الأطفال في أعمار صغيرة، وتوقظ لديهم المخاوف المكبوتة والفقدان والشعور بعدم الأمان؛ فنجدهم أمام ضياع تام وفقدان للانتماء للواقع الذي يعيشونه والقلق والخوف والأرق، وعدم القدرة على التركيز والنوم والأكل والتفكير، والمعاناة من مشاعر سلبية، ويرافق هذا الوضع الكوابيس المزعجة التي تدور في نفس أحداث القصة، نظراً للتفكير الزائد بها وفي بعض الأحيان يرفضون الذهاب للمدرسة والاستجابة لمعلمتهم.
اضطراب ما بعد الصدمة يؤثر في الأطفال والمراهقين والبالغين، وتتراوح نسبة تأثيره حسب المرونة أو المناعة النفسية، التي يعيشونها في حياتهم اليومية قبل الحادثة وخاصة كما ذكرت أثناء الطفولة.
وحتى ننمّي هذه المرونة، وخاصة عند الأطفال علينا إخبارهم بحقيقة الوضع كما هو، ونراعي أعمارهم وأن نعبّر أمامهم عن حقيقة المشاعر التي يعيشها الكبار، كالحزن والخوف عليهم من كوارث أخرى.
وفي حال وقع الزلزال كما جرى حالياً، نخبرهم أن هذا الحدث نادراً ولا يحدث كل يوم، ونشرح حقيقته بكلمات تناسب أعمارهم، ونستعمل الصور المناسبة.
ولمساعدة الطفل في حال وقوع الزلازل نعبّر أمامه عن مشاعرنا، ونشجعه على التعبير عن مشاعره، عن طريق اللعب أو الرسم أو التمثيل والغناء، ونراقب تصرفاتهم وما سيخبروننا به لاحقاً (أي بعد الحادثة) وطريقة تعاملهم مع الموضوع.
وعند ملاحظة صعوبة في التأقلم مع هذا الحدث عند الأطفال، والميل إلى الانعزال والتعبير الدائم عن الخوف، أو حالة يقظة مفرطة وأسئلة متكررة قد تكون أكبر من عمره وتفكيره، يجب استشارة الاختصاصي النفسي حتى يساعدنا في تجاوز هذه الحالة، قبل أن تصبح عادة يصعب التخلص منها عندما يكبر.