حجم الكارثة الإنسانية في حلب بدأ يتكشف.. ومراكز الإيواء والمدارس تفتح أبوابها لاستقبال المتضررين
تشرين-رحاب الإبراهيم:
لا يزال أهالي حلب، المتخوفون من الهزات الأرضية الارتدادية، خارج بيوتهم إلى الآن، حيث فضّلوا افتراش الحدائق أو البقاء في السيارات ليلاً رغم قسوة الطقس والأمطار الغزيرة، ولم تنفع دعوات المعنيين للعودة إلى منازلهم، خوفاً من سقوطها فجأة في حال حصول هزات ارتدادية أخرى وإن كانت خفيفة، خاصة في حال وجود تصدع أو تشقق في الجدران.
فاطمة: أنتظر خبراً عن زوجي بعد سقوط البناء في حي الكلاسة
واليوم بعد مضي يوم كامل على الفاجعة وتكشف حجم الضرر الكبير في الأرواح والأبنية وخاصة في المناطق العشوائية بدأت عمليات الإغاثة والمساعدة للمتضررين، ولاسيما من فقد بيته وأهله، مع لحظ حالة من التعاون والتضافر بين جميع الجهات المعنية من القطاع العام والخاص والجمعيات الخيرية والمنظمات الدولية، وخاصة في ظل الإمكانات المادية القليلة قياساً بحجم الكارثة الإنسانية التي ألّمت بمدينة حلب، وهذا الأمر ينظر إليه بعين الرضا والفخر في ظل تكاتف السوريين مع بعضهم للتقليل من حجم الخسائر والأعباء.
محمد: لم أعثر على أحد من عائلتي
لا شيء يعوض..!
“تشرين” جالت على بعض المدارس ومراكز الإيواء في مدينة حلب ورصدت حال المواطنين في هذه المراكز، والاحتياجات المؤمّنة لهم في هذا الظرف الصعب وإن كان من المستحيل تعويض من فقدَ أهله أو ما زال ينتظر بصيص أمل لإنقاذ بعض أهله، حيث تقول فاطمة لـ”تشرين” وهي تحتضن ولديها: «ما زلت أنتظر خبراً عن زوجي بعد سقوط البناء في حي الكلاسة المتضرر بشكل كبير، واليوم قصدت هذه المدرسة خوفاً على أولادي، حيث تبقى المدارس أكثر أماناً وخاصة في ظل تقديم الاحتياجات الأساسية من طعام وحرامات وفرش، لكن ماذا أفعل بعد خسارة زوجي وبيتي.. لا شيء يعوض ما مررت به وينسيني اللحظات الأليمة لحظة وقوع الزلزال وتمكني من إنقاذ أولادي رغم كل الهلع الذي شعرت به”.
محمد علي (الشاب العشريني) تحدث أيضاً كيف خسر عائلته بشكل كامل في البناء الذي انهار في الحي ذاته، وبعد البحث عنهم طوال ليلة أمس وإزالة الأنقاض لم أعثر على أي منهم وخاصة مع تأخر الآليات بالوصول إلى موقع البناء المنهار، وعند وصولها كانت إحدى الجرافات بحاجة إلى مازوت، لذا نتيجة هذا الوضع لن يخرجوا أحياء بعد كل هذا الوقت، لذلك ليس هناك مفر من تقبل الوضع وقضاء الله والعثور على مأوى أستطيع العيش فيه وتدبر شؤوني إلى حين إيجاد البديل المناسب.
الأولوية للمتضررين
وتواصلت “تشرين” أيضاً مع محمد حجازي رئيس مجلس محافظة حلب للوقوف على ما تقوم به محافظة حلب والجهات المعنية لتدارك حجم الكارثة الإنسانية التي أصابت المدينة من جراء الزلزال الكبير فجر أمس، ليؤكد أنه تم اتخاذ كل الإجراءات المناسبة للتقليل من حجم الخسائر الكبيرة التي بدأت تتكشف تباعاً، لذا تم تأمين 126 مركز إيواء مع فتح الأماكن الصالحة لاستقبال المتضررين الفعليين وليس الخائفين من الهزات الارتدادية، وخاصة في ظل حجم الضرر الكبير، داعياً الأهالي الموجودين في الشوارع إلى العودة إلى منازلهم وعدم الخوف والإبلاغ عن أي حالة تصدع في الأبنية للكشف عليها وتنظيم تقرير سلامة عامة فيه.
وبيّن أن الأولوية حالياً هي للمتضررين من الزلزال، الذين فقدوا أماكن سكنهم وأصبحوا بلا مأوى، مشيراً إلى أن عمليات البحث عن ناجين مستمرة، فالآليات مستمرة في إزالة الأنقاض مع استنفار كامل في المشافي والمراكز الصحية ومنظومة الإسعاف والدفاع المدني لاستقبال الجرحى وتقديم الرعاية الصحية اللازمة، لافتاً إلى أن عدد الوفيات وصل إلى 266 وفاة و620 جريحاً.
مدير تربية حلب: وضع المدارس في خدمة المتضررين
وأشاد حجازي بحالة التعاون والتكاتف بين الجهات المعنية والقطاع الخاص والجمعيات الخيرية والمنظمات الأهلية والدولية، حيث يعمل الجميع بهمة عالية ويداً واحدة مع تقديم كل الدعم اللازم والمعونات كلٌّ حسب قدرته وإمكاناته للتخفيف من حجم الأعباء والأضرار وخاصة عند النظر إلى الإمكانات القليلة، ولاسيما أن مدينة حلب مازالت تعاني من أضرار الحرب القاسية.
المدارس في الخدمة
وتواصلت “تشرين” مع مدير تربية حلب مصطفى عبد الغني لمعرفة عدد المدارس التي وضعت في خدمة الأهالي المتضررين من الزلزال، حيث أشار إلى وضع 68 مدرسة وخاصة في مناطق السكن العشوائية الأكثر تضرراً من الزلزال، إضافة إلى فتح مدارس في مركز المدينة أيضاً في ظل وجود أيضاً متضررين تعرضوا لآثار الزلزال الخطرة سواء بشكل جزئي أم كلي، مشيراً إلى توزيع قرابة 3 آلاف بطانية وفرشة على الموجودين في المدارس، مع تواصل تدفق المعونات الإغاثية لتوزيعها على الموجودين في المدارس، إضافة إلى توزيع وجبات غذائية، وتوزيع المازوت على جميع المدارس، حيث وزعت الدفعة الأولى أمس، واليوم يستكمل توزيع الكميات المتبقية على المدارس الأخرى، داعياً جميع الجهات والمنظمات وقطاع الأعمال وأي جهة بمقدورها تقديم المساعدة إلى مد يد العون للمتضررين والمشاركة في التخفيف من حجم المأساة الإنسانية.
مختار بستان القصر: استنفار كامل للتخفيف عن الأهالي المتضررين
إنقاذ الأرواح
التقت “تشرين” أيضاً مختار حي بستان القصر الشعبي عبد الله عبد الله، الذي أشار إلى وجود تصدع في عدد من الأبنية في الحي، إضافة إلى تضرر الطرقات عبر حصول بعض الحفر والتشققات تم ردمها خوفاً من حصول أي حوادث بسببها، مشيراً إلى عدم الإبلاغ عن أي حالات انهيار أو وفيات.
ولفت عبد الله إلى أنه نتيجة هذا الواقع ركزت الجهود على الأحياء الأخرى المجاورة كالكلاسة، التي تعد من أكثر الأحياء تضرراً بعد سقوط عدد من الأبنية بشكل كامل ووجود ضحايا تحت الأنقاض، مشيراً إلى أنه في الحالات الإنسانية لا بدّ من تضافر جميع الجهود والإمكانات للتعاون والمساهمة في إنقاذ الأرواح وتقليل الأضرار، لذا يوجد استنفار كامل من الجهات المعنية لتحقيق هذه الغاية والتخفيف عن الأهالي المتضررين.
ت-صهيب عمراية