تكاتف بحجم وطن
إنه لجرح غائر أصابنا جميعاً كسوريين في مختلف أرجاء البلاد من جراء الزلزال الكبير الذي ضرب عدة محافظات وأفقدنا العديد من أهلنا وذوينا، جرح لن يندمل بسرعة أو تمحوه السنون بسهولة من الذاكرة مهما طالت.
كانت الفاجعة كبيرة بالعدد الكبير للضحايا الأبرياء والمصابين وأولئك الذين تركوا منازلهم أطفالاً وشيباً وشباباً قسراً نتيجة تصدعها وفي ظل ظروف جوية قاسية جداً.. وكبيرة بالحجم الهائل للدمار الذي خلّفته بالمباني السكنية، لكن هذه هي مشيئة القدر التي ما علينا إلّا التسليم بها.
أما عن واقع التعامل مع تداعيات المصاب الجلل والاستجابة الطارئة، فهو وبالرغم من تواضع الإمكانات بسبب ظروف الحرب على البلاد خلال السنوات السابقة، كان جباراً وبتوجيه وحرص ومتابعة من أعلى المستويات، حيث سخرت جميع إمكانات الدولة المتاحة وفي مختلف القطاعات في سبيل ذلك.
في خضم إجراءات التعامل مع تداعيات الأزمة، ينبغي ألّا يغيب الدور المشرّف للأعمال التطوعية التي انطلقت وتفاعلت بعد حدوث الزلزال المدمر، حيث اندفع تلقائياً أبناء سورية المعززون بالشهامة والمروءة كما عهدهم الجميع على مرّ الزمن للمساهمة مع الجهات المعنية في أعمال الإنقاذ والإسعاف وتقديم يد العون للمتضررين.
لكن ما خلّفته الكارثة بفعل قسوة الطبيعية أكبر من طاقة دول حتى لو لم تقع عليها حروبٌ كما سورية لأكثر من عقد من الزمن، وما نحتاجه الآن مزيداً من التكاتف والتعاضد والمؤازرة من المجتمع المحلي في جميع أنحاء البلاد، عبر حملات تطوعية واسعة وتبرعات سخية للإسهام بأعمال الإنقاذ ورفع الأنقاض وعلاج المصابين وتأمين السكن للأسر التي أخلت بيوتها بعد تصدعها وعدم إمكانية العودة إليها.
إنّ المبادرات التطوعية والتبرعات من أبناء سورية أهل الخير والنخوة والشهامة بدأت تتشكل تباعاً، والمطلوب وبشكل عاجل تحفيز تفاعلها لتمتد على كامل مساحة الوطن، لأن المصاب كبير والأضرار هائلة وكلنّا معنيون بتقاسم المسؤولية مع أبناء وطننا في الملمات كما المسرات.