المقاهي بدلاً من المدارس.. أطفال يدمنون تدخين “الأركيلة” ولعب “الشدة”.. المعنيون مازالوا في مرحلة التفكير بتفعيل الرقابة!!

تشرين- عثمان الخلف: 

تبدو بعض مقاهي دير الزور خارج عين الرقابة من قبل الجهات المعنيّة، لتُسجل حضوراً مُكثفاً لأطفال بأعمار صغيرة ، فتجدهم صباحاً وبينهم من هم بعمر طلاب مدارس بمرحلة الأساسي الأولى والثانية ، وأكثر في فترة المساء ، فيما شغلهم الشاغل تدخين ” الأركيلة ” أو السجائر ، والتي تترافق ولعب ما يُسمى ورق ” الشدة ” ، ظاهرة تفاقمت بشكل كبير تُشاهدها بشكل يومي .

أصحاب المقاهي يغضون النظر ويشجعون

“أركيلة وشدة”

في جولة ل” تشرين ” على عددٍ من المقاهي لاحظنا أنّ أطفالاً بأعمار صغيرة وفتيّة لمّا يبلغوا الحلم يرتادونها بشكل يومي وخلال فترتي الصباح والمساء ، وما لفت انتباهنا أن طفلين شقيقين بعمر 12 عاماً دخلا المقهى ليطلبا ” نفس أركيلة ” حسب تعبيرهما وقهوة معها ، بسؤالنا ما إذا كان أهلهم يعلمون ذلك ، أجابوا ضاحكين : ” ومصروفنا من أمنا وهي تعلم بذلك ” !!

وما يلفت أنّ التواجد الصباحي هو لطلاب في المراحل المدرسيّة الأولى ، يتحلقون حول طاولة وهم إما أن يُدخنوا “الأركيلة” التي تُقدم لهم في المقهى ، أو من عُلب سجائرهم الخاصة، وفي الآن يلعبون ورق ” الشدة” ، فيما مصاريفهم هنا بين احتمالات عدة ، فهي إمّا من الأهل أو وفقاً لنتائج لعبة ” الشدّة ” إذ الخاسر فيها يتحمل مصروف الطاولة المحجوزة بالاتفاق بينهم ، وهي مصاريف محط تساؤلات في ظل الظروف المعيشيّة الصعبة التي يعيشها السوريون عموماً ودير الزور ليست بِدعاً عن ذلك ، والكل يعلم تكاليف تأمين احتياجات الأسرة الباهظة ، فماذا إنْ أضيف لها كُلف ارتياد الأطفال للمقاهي وما يطلبونه أثناء وجودهم فيها ؟!

في إحدى الزيارات لاحظت غلبة لهؤلاء الطلبة الصغار بين رواد أحد المقاهي ، سألت ” الكرسون ” مُستهجناً ما إذا مقهاهُ تحول لمدرسة فاكتفى بالضحك قائلاً : ” يبدو ذلك ! ، إضافةً لوجود نمط من هؤلاء الأطفال يتسولون أو يعملون، ثم تجدهم لاحقاً يرتادون المقهى للتدخين ، لم نحصل على أسماء لتوثيق الحالات ، ففي هكذا أوضاع يخشى هؤلاء من ردة فعل ذويهم ومنهم من هم غير مكترثين بالأمر ، وخصوصاً أنّه لا مشكلة لدى بعض أصحاب المقاهي بما يُقدم لأطفال صغار ،فهم عندهم زبائن ومعهم مال لا أكثر .

اختصاصية اجتماعية: مخالفات حسب المادة 22 من قانون حماية الطفل

ترى المختصة بعلم الاجتماع الدكتورة سهام الخاطر أنّ الأمر ليس بالجديد ، لكنّه خلال سنوات الأزمة بات طافحاً بشكل واسع، وتفاقم هذه الظواهر مرده لما أفرزته الأحداث التي عاشتها دير الزور ، فمن بين هؤلاء من فقد أحد ذويه ، وبالتالي غياب الرقابة المنزليّة، ومنهم من تحول إلى العمل لسد احتياجات أسرته في ظل موجة الغلاء ، ما سمح له بإيجاد الوفرة الماليّة التي تُمكنه من أن يتصرف بحرية، لكنها حتماً حرية مُضرة له مع غياب المربي، ناهيك عن أسباب أخرى قد تؤدي لما لا تُحمد عُقباه، مؤكدةً أن التفكك الأسري يفتح مجالاً لانعدام الرقابة من قبل الأهل، مُحملةً أصحاب المقاهي مسؤولية في الحد من ظواهر كهذه وفق القوانين الناظمة لحقوق الطفل، فالمادة 22 من الفصل الرابع ومُتعلقات الحماية الصحيّة من قانون حقوق الطفل السوري تحظر تقديم أو بيع التبغ والنرجيلة والمشروبات الكحولية للطفل في جميع المحلات والمطاعم وجميع الأماكن العامة، وتجاوز هذا القانون حتماً يُعد مُخالفة جسيمة وإضراراً بالطفولة التي ينبغي إبعادها عن هكذا أجواء نفسياً وجسدياً .

مرشد نفسي: الأزمة ألقت بظلالها.. وانشغالات الأسر بمعيشتها غيبت الرقابة عن الأطفال

من جانبه المُختص بالإرشاد النفسي إياد شهاب أكد في حديثه ل” تشرين ” تنامي الظاهرة، وغيرها من ظواهر تطال الطفولة بدير الزور ، وارتياد هؤلاء للمقاهي بلا شك يزيد من انجرافهم لما هو أبعد من التدخين قبالة الأوضاع الصعبة التي يعيشها الناس، فأن يصل أطفال بعمر 12 و 13 عاماً ومنهم أكبر بسنة أو سنتين ، كما منهم من هو أصغر من ذلك إلى البدء بالتدخين وهم طلبة مدارس فهذا جرس إنذار لولي أمر الطالب والمدرسة في آن واحد فالطالب قد تكون لديه انحرافات سلوكية أخرى أو في طريقه إليها لأن دخوله عالم التدخين الأسود يعني أنه تعدى العديد من الحواجز الاجتماعية والنفسية التي كانت تمنعه من استخدام الدخان وخاصة في مجتمعاتنا الشرقية التي يعد فيها تدخين الشاب والمراهق سواء كان ذكراً أو أنثى خروجاً عن المألوف الأسري والاجتماعي ويتوجب على المرشدين في المدارس اجتماعيين ونفسيين البحث عن الأسباب، أو في أقل ذلك رصد أسباب التغيب عن المدرسة وإبلاغ ذويهم، ولفت شهاب إلى أنّ الأوضاع المادية الصعبة للأسر جعلتها توجه أبناءها للعمل ، وخلال هذه الفترة ينساقون وراء ممارسات كهذه ، غير أن بين الأطفال من أوضاع ذويهم جيدة ، لتجد أن السبب أيضاً هو فقدان الأسر السيطرة على أولادها وهذا ما شكاه كثيرون ، الأزمة أفرزت مساوئ لا تُحصى والحلول ضمن المستطاع تتوزع بين الجهات الرقابية والأهل، وصولاً لدور وسائل الإعلام ونشر ثقافة الوعي.

يافعون يذهبون إلى المقاهي بتمويل من أهاليهم

تفعيل الرقابة

في حدود الدور الإعلامي الذي تقوم به ” تشرين ” نقلنا المشاهدات لرئيس مجلس مدينة دير الزور جرير كاكاخان والذي لم يٌنكر هذا الواقع ، مؤكداً أنه سيعمل على تفعيل الجانب الرقابي في هذا الشأن الذي تطال مخاطره شريحة مهمة في المجتمع هم الأطفال ، ومهمة كهذه بلا شك تحتاج كوادر تقوم بجولات صباحية ومسائية على المقاهي في ظل واقع تشكوه مجالس المدن من نقص بالعمالة في مفاصل مهمة ، والأمر كذلك برسم بقية مجالس المدن ودوائرها الرقابيّة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
على سيرة إعفاء مدير عام الكابلات... حكايا فساد مريرة في قطاع «خصوصي» لا عام ولا خاص تعزيز ثقافة الشكوى وإلغاء عقوبة السجن ورفع الغرامات المالية.. أبرز مداخلات الجلسة الثانية من جلسات الحوار حول تعديل قانون حماية المستهلك في حماة شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية