التعديات على خطوط الكهرباء المغذية لمضخات مياه الشرب تضعف أداءها وتأكل من حصة المواطن
تشرين – وليد الزعبي:
نظراً لحيوية مشاريع ضخ مياه الشرب في تأمين هذه المادة الأساسية للسكان تم استثناء خطوط الكهرباء المغذية لها من التقنين، وهو توجه صائب لكونه يسهم في استمرارية الضخ وتوفير احتياجات السكان بالحدود المقبولة، ويجنبهم الأعباء الكبيرة الناجمة عن اللجوء إلى الصهاريج الجوالة لتزويدهم بمياه قد تكون غير مأمونة الجانب وبأثمان باهظة جداً.
لكن المشكلة أن خطوط الكهرباء المغذية لمحطات ضخ تلك المشاريع لم تسلم من التعديات الكثيرة، حيث قام ضعاف النفوس مستغلين الظروف السائدة في مناطق تواجد تلك المضخات بتركيب مراكز تحويل باستطاعات مختلفة عليها، ويستجرون التيار الكهربائي بشكل غير مشروع لصالح الآبار الزراعية العشوائية، الأمر الذي يضعف من شدة التيار الواصل لتلك المضخات ويؤدي إما لسوء أدائها أو عدم إقلاعها أصلاً، وحتى تعريضها لأعطال متكررة تحتاج إلى تكاليف إصلاح كبيرة جداً، وبالمجمل يؤدي إلى إضعاف الجدوى من هدف عملية الإعفاء من التقنين.
إن استهلاك تلك الخطوط المعفاة من التقنين يتضاعف مع التعديات، وهنا تبرز المشكلة التي لا تقل تأثيراً سلبياً عن الأولى، حيث إن مراكز التحويل المخالفة غير المشروع لا ترشيد في استهلاكها لكونه غير مدفوع القيمة، وبالتالي الكميات الكبيرة التي تستجرها تأتي على حساب المخصصات الإجمالية للمحافظة من الكهرباء، وعلى سبيل المثال بدلاً من أن تأخذ الخطوط المعفاة من التقنين للأغراض الاستراتيجية والحيوية ثلث أو نصف المخصصات، فإنها تأخذ بوجود التعديات ثلثيها أو أكثر حسب الوارد منها للمحافظة الذي قد ينخفض أو يرتفع وفقاً لعمليات التوليد على مستوى القطر.
في هذا الإطار ذكر المهندس محمد المسالمة مدير عام مؤسسة مياه الشرب في درعا ل”تشرين” أن مشاريع مياه الشرب تتوزع على كافة أرجاء المحافظة، حيث تنتشر ٣٥ محطة ضخ على محاور خطوط مياه الشرب المغذية للتجمعات السكانية، وتتغذى المحطات الرئيسية من خطوط كهرباء معفاة من التقنين من مخارج خاصة ومركب عدادات في بداية خطوط الكهرباء الواصلة لتلك المحطات، وخلال سنوات الحرب على سورية تعرضت تلك الخطوط للتعديات، ما أدى لضعف التوتر الكهربائي الواصل للمحطات وانقطاعها غالباً نتيجة الحماية الترددية المطبقة على محطات الكهرباء، وبالتالي توقف ضخ مياه الشرب للتجمعات السكانية في المحافظة.
وأشار المسالمة إلى أن ذلك أدى أيضاً لتحمل مؤسسة المياه أعباء مالية إضافية غير مستحقة، وذلك نتيجة دفعها قيم فواتير كهرباء لا تستهلكها جميعها بل تستهلك التعديات الكثير منها، وذلك لكون العدادات موضوعة في بداية الخطوط كما تم ذكره آنفاً، لافتاّ إلى أن المؤسسة طالبت شركة كهرباء درعا عدة مرات بوضع عدادات الكهرباء في محطات المياه لضمان رصد الاستهلاك الحقيقي لمشاريع مياه الشرب وعدم تحميل المؤسسة أثمان كهرباء لا تستهلكها، على أمل أن يتم حل هذا الموضوع بأقرب ما يمكن.
وتطرق مدير عام المؤسسة إلى ضرورة تضافر جهود جميع الجهات المعنية والمختصة بالتعاون مع المجتمع الأهلي لرفع التعديات والإسهام بضمان عمل مضخات مشاريع مياه الشرب بالمستوى المطلوب وتالياً تأمين الكميات اللازمة منها للتجمعات السكانية على مستوى المحافظة.
من جهته بيّن المهندس أحمد فياض مدير مراقبة الشبكات في شركة كهرباء درعا، أن الضابطة العدلية لدى الشركة تجري جولات تفتيشية ميدانية في الأماكن المتاحة لضبط وقمع حالات الاستجرار غير المشروع عامةً ومراكز التحويل خاصةً لكون استجرار الأخيرة يعد الأكبر كميةً وقيمةً، لافتاً إلى أن أغلب التعديات بتركيب مراكز تحويل مخالفة واستجرارها غير المشروع يتم في الريفين الغربي والشرقي على الخطوط المغذية لمحطات ضخ مياه الشرب، وذلك لصالح الآبار الزراعية.
وكشف فياض، أنه تم خلال العام الماضي تنظيم ٩١ ضبطاً بحالات الاستجرار غير المشروع من مراكز التحويل، والتي كان نصيب مراكز التحويل غير المشتركة (المخالفة) منها ٧٩ والباقي ١٢ مشتركة، وبلغت كمية الكهرباء المقدرة عليها مجتمعة ٢٦٩٣٤٩٧ ك.و.س حددت قيمتها وفقاً للأسعار المحددة، وخلال شهر كانون الثاني الفائت نظمت الضابطة العدلية أيضاً ٩ ضبوط بحالات استجرار غير مشروع لمراكز تحويل في المناطق المتاحة من المحافظة، وجميع هذه المراكز غير مشتركة بشكل نظامي بل مخالفة، وبلغت الكميات المقدرة عليها والواجب سداد قيمتها ١٩٧ ألف ك.و.س، وعبّر الفياض عن أمله أيضاً بتضافر الجهود لقمع حالات التعدي بما فيه مصلحة الجميع.
ما تقدم يدلل على أن هناك تعديات ليست بقليلة على الخطوط المعفاة من التقنين لصالح مضخات مياه الشرب وغيرها من الغايات الاستراتيجية والحيوية (حسب ما تصنف الجهات ذات العلاقة)، والمطلوب اتخاذ الإجراءات التي تسهم بقمعها والحدّ من تفشيها، وذلك من خلال التنسيق ما بين الجهات المعنية والمختصة والتعاون مع المجتمع المحلي، لأن ذلك في مصلحة أفراد ذلك المجتمع أولاً وأخيراً، لما له من منعكس إيجابي كبير إن لجهة واقع الكهرباء أو جهة مياه الشرب.