زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المنطقة تحمل العديد من المؤشرات والدلائل في نظر الكثير من الباحثين والمتابعين، وتؤسس لحقبة واعدة من العلاقات الدولية الجديدة القائمة على المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة لا التبعية المطلقة والسيطرة التامة لقطب متفرّد ومتغطرس ولا يأبه إلّا لمصالحه الخاصة، وإن كانت على حساب الشعوب والأفراد.
ما ظهر من جدول الزيارة أنها بصدد عقد العديد من القمم التي ترسخ العلاقة الصينية في دول المنطقة، وتزيد حجم التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري وتفتح الباب على مزيد من العلاقات الاستراتيجية ولكن ما خفي منها ربما أهم بكثير مما أعلن عنه، وذلك لأسباب عديدة:
أولها: إن الصين بدأت تمتد إلى الفضاء الحيوي للولايات المتحدة الأمريكية التي ظلت تحتكره على مدار القرن الماضي ومطلع القرن الحالي.
وثانيها: إن هذا التمدد يأتي عنوة وتحديّاً لمعارضة أمريكية شديدة لم يخفها الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته الأخيرة للمنطقة حين قالها صراحة إن بلاده لن تسمح للصين بملء المكان في المنطقة.
وثالثها: إن الرئيس الصيني يدرك أن ما يقدم عليه من زيارة للمنطقة وحجم اتفاقيات التعاون التي يحملها وسيناقشها خلال الزيارة ويوقعها أيضاً لن تحظى بموافقة واشنطن، بل تبذل هذه الأخيرة كل ما لديها لعدم إتمامها أو حتى إفشالها.
في كل الحالات؛ زيارة الرئيس الصيني إلى المنطقة وحالة الاحتفاء والترحيب به دليل ساطع على عدم الانصياع للرغبات الأمريكية، وبرهان أكيد على حجز الصين مكاناً لها في المنطقة خلال المدى القصير والمتوسط، وبداية واثقة لإزاحة السيد الذي تسلّط على رقاب أكثر حكام وشعوب المنطقة عقوداً طويلة من الزمن، فهل بدأت الإزاحة لهذا المتسلط ؟
هيثم صالح
36 المشاركات