مسرحيّةُ «حمام روماني» تجلسُ على عرشٍ من المتعة

تشرين-نضال بشارة:
دائرة المسرح القومي في حمص عرضت مسرحية «حمّام روماني» في ثالث نشاط من أنشطة احتفالية يوم الثقافة السورية التي تقدمها مديرية الثقافة في حمص، وذلك على خشبة قصر الثقافة، إعداد وإخراج فهد الرحمون، لنص الكاتب البلغاري «ستاتسلاف ستراتييف»، حفل العرض بمفارقات كوميدية زادت من نسبة المتعة التي تتكون عادة من مقومات فكرية ومقومات فنية، فاكتملت في هذا العرض المشغول كنص بإتقان درامي، يصيب هدفه من دون مباشرة، ويكشف الفساد في العديد من المؤسسات والذي أصاب المجتمع البلغاري ويتطابق معه الفساد الذي أصاب العديد من مؤسسات الكثير من البلدان، ومن بينها بلدنا. تبدأ أحداث المسرحية بمحاولة حصول « إيفان أنتونوف/ ثائر محمد» على وسيلة نقل تقله للمطار حتى يستطيع أن يذهب في رحلة استجمام على شاطىء البحر، تاركاً في منزله ورشة تعيد تأهيل أرضية صالون الاستقبال ، فيكتشفون فيه حماماً أثرياً فتضع دائرة الآثار يدها على المنزل بسرعةٍ، لصونه من يد العبث واللصوص. وعندما يعود إيفان للمنزل، تبدأ المفارقات برفض استقباله ومنعه من الدخول، لأنهم لم يعرفوا أنه صاحب المنزل.. وكان الفريق التلفزيوني الذي حضر لمتابعة الحدث لم يكترث له، وخلال إعداد الرسالة التلفزيونية عن الاكتشاف الأثري من قبل المذيعة «صوفيا/ ندى جوخدار» منعتْ وفق التوجيهات لها من قول الحقيقة، والنطق فقط بما تم توجيههم للتصريح به، رغم محاولات العاملين التصريح بأوجاعهم كعمال، أمّا عالم الآثار البروفيسور «أنانييف/ رامي جبر» والمكلف بالإشراف على الحمام المكتشف ومتابعة عمليات التنقيب، فيردد خطاباً غوغائياً يعظّم من أهمية الحمّام المكتشف، كل ذلك يستفز أعصاب إيفان فيحاول الهجوم على الجميع متسلحاً بمطرقة ضخمة، يريد طردهم، فينسحب الجميع بتقنية «سلوميشن» السينمائية، أي الحركة البطيئة. ثم يبدأ حوار بين إيفان وعالم الآثار الذي لم يتوصل معه لسبيل كي يترك المنزل، وخلال ذلك تصل «مارتا/ ديانا منعم» خطيبة عالم الآثار التي يتشاجر معها دائماً بسبب انشغاله بالحمّام الأثري، مفضلاً عليها ما سيحصل عليه من شهرة ومكاسب ورحلات سفر ومشاركات في مؤتمرات دولية خاصة بالحفريات الآثارية ومكافآت مادية، فتتخلى عنه، ومن ثم نشاهد ارتباطها بعلاقة عاطفية مع صاحب المنزل لأنه أكثر إنسانية من خطيبها الأول. وبعد هذه الإشارة لما يصيب العلاقات الاجتماعية نتيجة الفساد في إدارة مقدرات البلاد، يبدأ العرض المسرحي يكشف لنا الفساد أكثر من خلال محاولة أكثر من جهة استغلال هذا الاكتشاف الأثري. فأول المتسللين للمنزل مهرب الآثار «تسيكوف» « ماجد عبد الحميد» يفاوض صاحبه إيفان ويعده بمبلغ كبير أيضاً مقابل تعاونه معه والسماح له بسرقة الحمّام، محرّضاً إياه على تطنيش القوانين التي تحمي الآثار والتي يمكن أن تطولهم.وكذلك يحضر تاجر العقارات ويعرض عليه أموالاً كبيرة مقابل شراء المنزل، لكن إيفان يرفض كل العروض. وتزداد وتيرة الكوميديا السوداء لهذه الحكاية بحضور منقذي سباحة«سافا» «علي الصالح» برفقة منقذة « ندى جوخدار» التي سبق أن جسّدت دور المذيعة التلفزيونية، وقد عينهما الاتحاد الرياضي مشرفين على الإنقاذ في المسبح الذي هو الحمام المكتشف.. لتبدأ مشاهدهما المثيرة والمتقنة كوميدياً خاصة في إقناع صاحب البيت بأن ينقذوه من الحمام/ المسبح، وتسجيل ذلك في سجل يثبت قيامهما بهذه المهمة وتوقيعه عليها، وتحضر في الآخر لجنة برئاسة «المحافظ/ سامر سلوم» التي تود أن تستثمر الحدث أيضاً في رفع مستوى الحي وخدماته وربما أسعار عقاراته، لكن كل تلك الضغوط والإغراءات لم تثن عزيمة صاحب المنزل، فالكل يريد أن يعبث بهذه الثروة التي هي رمز لثروات البلد، وفي مشهد ختامي يهبط من الأعلى ما يشبه خاتماً أي أوراقاً رسمية فوق الجميع كانت معلقة طوال العرض في الفضاء المسرحي الذي استثمر سينوغرافياً بشكل جيد، وكنا نظن أن الممثلين سيرتبكون في الحركة، لكنهم استطاعوا التعامل مع ديكور «أحمد ديبان» بكل مهارة، ولم يهرب من تحتها سوى إيفان ومارتا.
يُذكر أن خمسة من الممثلين جسدوا أكثر من شخصية، بمساحات متفاوتة وبمهارة، ما منحنا متعة، كان يعوزها ضبط بعض المشاهد زمنياً ليتعزز ضبط الإيقاع أكثر لعرض توافرت فيه كل العناصر الدرامية بامتياز من القصة للأحداث للحبكة للصراع للذروة والخاتمة غير المتوقعة، فجلس العرض على عرشٍ من المتعة وتمدد في نفوسنا.
بطاقة العرض :
الممثلون «ثائر محمد، رامي جبر، ديانا منعم، ندى جوخدار، ، الحسن سرور، ماجد عبد الحميد، سامر سلوم». الفنيون « مساعد المخرج: آصف حمدان.تصميم الديكور: أحمد ديبان. تصميم الأزياء: رانية جانسييز. تنفيذ مكياج: سلاف الرحمون. تصميم إضاءة: محمد الحسين, الموسيقا: ضحى الشدود.»

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية مؤتمر "كوب 29" يعكس عدم التوازن في الأولويات العالمية.. 300 مليار دولار.. تعهدات بمواجهة تغير المناخ تقل عن مشتريات مستحضرات التجميل ميدان حاكم سيلزم «إسرائيل» بالتفاوض على قاعدة «لبنان هنا ليبقى».. بوريل في ‏بيروت بمهمة أوروبية أم إسرائيلية؟ إنجاز طبي مذهل.. عملية زرع رئتين بتقنية الروبوت مركز المصالحة الروسي يُقدم مساعدات طبيّة وصحيّة لمصلحة المركز الصحي في حطلة القوات الروسية تحسن تموضعها على عدة محاور.. وبيسكوف: المواجهة الحالية يثيرها الغرب