تحويلات السوريين تراجعت بنسبة 60 % بسبب أزمة الاقتصاد العالمي.. رجل أعمال يشرح التفاصيل ومدير في «المركزي» يتحدث عن جهد استدراكي مكثّف.
تشرين:
قدّر رجل الأعمال الصناعي محمد ناصر السوّاح، حجم التراجع في الحوالات الشخصية القادمة إلى سورية بحوالي 60%، لافتاً إلى أنه كان يوجد مسربان للقطع الأجنبي، الأول هو التصدير والثاني هو الحوالات الشخصية التي كانت تعد النسبة الأكبر، وسبب تراجعها هو الظروف الاقتصادية العالمية التي انعكست على مجرى الحياة العامة في كل دول العالم .
وحمّل السوّاح في تصريح لـ ” تشرين” استمرار العدو الإسرائيلي في قصف المرافئ و المطارات، مسؤولية خسائر بمئات ملايين الدولارات من البضائع الموجودة، وحصول أضرار كبيرة، ما أثر أيضاً في سعر الصرف .
هذا ولا يرى السواح أن العوامل النفسية لها قوة العوامل الاقتصادية نفسها للتأثير في سعر الصرف رغم أهميتها، مبيناً أنه عندما يتم قصف المطارات والمرافئ البحرية من جهة، ثم اندلاع الحرب الأوكرانية التي أدت إلى مضاعفة الالتزامات المفروضة على الحكومة سواء من حيث حوامل الطاقة إلى القمح وكل المستوردات، تصبح الحكومة بحاجة إلى أرقام مضاعفة من القطع الأجنبي لتغطية المواد الأساسية .
والإشكال الآخر الذي يواجهنا، حسب السواح ، هو أن رجال الأعمال الأثرياء كان لديهم في المصارف اللبنانية ما بين 30 إلى 40 مليار دولار، وتبخرت كلها، وكانت لهم عوائد أسبوعية مجزية يعيشون منها ، أيضاً هذا انعكس سلباً على سعر الصرف، إضافة إلى أن الحوالات الشخصية التي كانت تدعم الأهالي في الداخل من عدة دول تقلصت وانخفضت بسبب أيضاً الأزمات الاقتصادية التي تمر فيها البلدان التي يقيمون فيها .
وكان د.فؤاد مدير العمليات المصرفية في مصرف سورية المركزي، قد أوضح في تصريح لـ”تشرين” أن سعر الليرة واجه هزات قوية في العامين الفائتين ابتداء من نهاية 2019 مع نشوب الأزمة اللبنانية، وعدم قدرة السوريين على سحب ودائعهم بالقطع الأجنبي، إضافة إلى أزمة «كوفيد 19» التي أثرت في نمو الاقتصادات العالمية ومنها سورية، وصولاً إلى فرض عقوبات أميركية جديدة أبرزها ما يسمى «قانون قيصر» الذي دخل حيز التنفيذ في حزيران 2020, والتداعيات الأخرى التي أثرت في الاستقرار الاقتصادي في دول الجوار التي شهدت تراجعاً جوهرياً في قيمة عملاتها المحلية، فضلاً عن الحرب الروسية- الأوكرانية التي سببت حالة تضخم عالمية وانقطاعاً في سلاسل التوريدات انعكست سلباً على أقوى العملات العالمية مثل اليورو والجنيه الإسترليني.
أما داخلياً، فقد استمرت الأزمات التي يعانيها الاقتصاد السوري، وأهمها تراجع الموارد والإنتاج واستمرار سيطرة القوات الأجنبية المحتلة على آبار النفط، الأمر الذي يستوجب الاستمرار في استيراد النفط، وعدم كفاية محصول القمح المحلي لكون المحصول يتم بيعه إلى خارج الحدود، والحاجة إلى استيراد القمح والترميم المستمر للاحتياطي الغذائي .
ولأن القاعدة الاقتصادية تقول: إن سعر الصرف هو مرآةٌ تعكس الواقع الاقتصادي، يجد علي أنه، وبعد حرب استمرت ١٢ عاماً، وترافقت مع عقوبات خانقة طالت كل مناحي الحياة ما أدى إلى ضعف في الإنتاج بعد أن دمرت الحرب الإر*ها*بية على بلدنا المصانع والمعامل والورشات، وتسببت بسرقة آبار النفط، وكذلك القمح وتوقف أغلب المحاصيل التي تصنف إستراتيجيةً، في وقت قيدت فيه المصارف، وباتت بفعل العقوبات عاجزة عن التحويل عبر حساباتها باستخدام الدولار، كل هذه الأوضاع قلبت الأحوال، وحولت سورية من بلد مصدّر إلى مستورد مع خلل في الميزان التجاري.
ويشرح علي الخسائر الكبيرة التي تركتها الحرب، والتي انعكست مباشرةً على سعر الصرف، مشيراً إلى أن السياحة قبل الحرب كانت على سبيل المثال تدعم الخزينة سنوياً بحدود 6 مليارات دولار، حسب أرقام العام 2010، مع وصول ما يقارب 5 ملايين سائح إلى سورية.
والقطاع النفطي المنهوب حالياً كان نقطةً مهمة في الاقتصاد الوطني، إذ كنا ننتج ما يصل إلى 385 ألف برميل يومياً، وكان يغطي معظم واردات الخزينة مع تلبية الحاجة المحلية التي كانت تبلغ 150 ألف برميل، والبقية كانت تذهب إلى التصدير، والقمح أيضاً كان يغطي الحاجة المحلية والفائض يذهب إلى التصدير، أما اليوم فإن فاتورة النفط والقمح وحدها كافية للتأثير بشكل قوي في الاقتصاد.
كل هذه الظروف مجتمعة ضاعفت مسؤولية السلطة النقدية في إدارة ملف القطع وخلق حالة تنظيمية دقيقة وحساسة، من أجل حماية الليرة في مواجهة الضغوط الهائلة التي ترتبت عليها بفعل الظرف الاستثنائي محلياً و إقليمياً وعالمياً.. ويرى د. مدير العمليات في”المركزي” أن سياسة تعددية سعر الصرف هي لدعم قطاعات منتجة كالصناعة والزراعة أو سلع أساسية، وهي موجودة في العديد من الدول التي كانت لديها أزمة في الإنتاج , هذه السياسة هدفها دعم قطاعات معينة, فإذا أردنا دعم القمح والمواد الغذائية والأدوية تعطى سعراً مخفضاً، ولا يفترض على الدولة أن تدعم شراء المكيفات وتترك الخبز أو تضع لها كلها سعراً واحداً، بل يجب أن تدعم قطاعات معينة, هي « المواد الأساسية: الغذائية والأدوية والمواد الأولية التي تدخل في الصناعة» لكون الصناعة هي التي تنعش البلد، وتحرك عجلة الإنتاج , إذاً هذه المواد يدعمها المركزي، ويضع لها سعر صرف المصارف والصرافة.
وأشار علي إلى أنّ السعر الرسمي 2525 ليرة، وهو سعر الصرف الذي يمول به المصرف المركزي الجهات العامة, فاليوم هناك حاجات للوزارات تمول عن طريق هذا السعر, أما المواد الأساسية «الغذائية والأدوية» فتموّل عن طريق سعر صرف المصارف والصرافة والذي هو 3030 ليرة, إذاً سياسة تعدد أسعار الصرف تأتي لدعم القطاعات المنتجة .
من جانبه، يوضح السوّاح أن تعدد سعر الصرف هو إحدى أدوات الدعم في العديد من دول العالم, ففي الدول التي تعاني أزمات, تلجأ في معالجة أسعار المواد إلى دعم سعر الصرف, واليوم سعر الصرف في سورية واضح , فهناك نوعان له, سعر داعم لبعض المواد والسعر الثاني الموجود في السوق عبر المنصة، ولا خلاف عليه، وهذا عرف عالمي، وليس جديداً .