خبير اقتصادي يدعو لإنشاء صناديق استثمار وحاضنات للإبداع.. مشاريع وأفكار قيد الدراسة.. فهل ستبصر النور قريباً؟
تشرين – بارعة جمعة:
مبدعون ومفكرون ومتطلعون للغد بعين الابداع والابتكار، مهمشون في مطالبهم وبعيدون كل البعد عن الوصول لها، هو حال الكثير من رواد الأعمال الشباب السوريين، ممن وجدوا في أفكارهم فرصة للخروج بمشاريع تعود عليهم بالنفع، وتنسج خيوط مستقبلهم بإنتاج وفير ومردود عالٍ، لنجد معظمهم عالقاً بين متطلبات العمل وضعف التمويل، آخذاً به القرار إما لبيع فكرته أو طرحها للاستثمار من آخرين، فيما يسعى آخرون للخروج بنتائج منه، ليتحولوا من باحثين عن فرصة عمل إلى مديونين للبنوك، ليبقى مبدأ الدعم المقدم لهذه الفئة رهن المستثمرين أو الضياع.
ملتقيات الاستثمار
جهود جماعية تقوم على عرض فكرة أو مشروع، ومن ثم العمل على تبنيها من جهة تمويل محددة، هو ما تقوم عليه فكرة هذه الملتقيات التي ضمت الكثير من المشاريع الريادية في مجال التكنولوجيا الحديثة، والكثير من الأفكار للنهوض بمشاريع جلها من صنع العقل السوري، وأمام كل ما قيل وتم تداوله سابقاً عن العمل ضمن إستراتيجية مشتركة وتوقيع العديد من اتفاقيات التمويل والدعم مازال السؤال المطروح على هامش هذه الملتقيات هو عن ماهية هذه المشاريع ومراحل إنجازها ونسب تنفيذها اليوم!
دعم مستمر
وهنا لابدّ من الإشارة إلى دور المصارف التي تعد الجهة الأولى والمسؤولة عن الدعم، والتي لا تزال حتى اليوم مستمرة في عملها ضمن إطار النهوض بالمشاريع حسب الرؤية التي قدمها نائب رئيس مجلس إدارة مصرف الوطنية للتمويل الصغير طلال الخضير، مبدياً اهتمام المصرف بدعم المشاريع الريادية، ولاسيما بعد تحوله بموجب قانون رقم 8 لعام 2021 من مؤسسة لمصرف وتطبيق النظام المصرفي عليه، وبات يغطي أرجاء سورية كافة، فالعمل متكامل مع هيئة المشاريع المتوسطة والصغيرة لدعم الشباب والنساء، في حين ينضوي التنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لرصد الحالات عبر مرصد سوق العمل لديهم، ليبقى لدور الأمانة السورية للتنمية بوصفها شريكاً إستراتيجياً الدور الأكبر لتنمية المجتمع المحلي برأيه، في حين التركيز الأكبر اليوم حسب الخضير يقوم على دعم مشاريع جرحى الوطن، لإعطائهم فرص المساهمة والاهتمام بهم.
واليوم لا يتم النظر لأي مشروع إلّا بعد تقديم دراسة له ولجدواه الاقتصادية من صاحبه للمصرف، فالدراسة الأولى هي الأساس برأي الخضير، ليتم بعدها التأكد من فريق عمل المصرف من جدية المقترض وفائدة المشروع، ليتم بعدها منحه القرض الذي تم تحديده بسقف 18 مليوناً ولمدة سداد 8 سنوات، وهنا لابدّ من الإشارة إلى أن نسبة التعثر بسداد الديون تعد قليلة، في حين يتم قبول كفالات منوعة حسب تصريح الخضير ولا تقتصر على العقارات فقط، بل يتم قبول السيارة ومقتنيات الذهب أيضاً.
وفي النظر لما تم العمل به من مشاريع، نجد أن ما يتم العمل به هو منذ فترة ليست بقليلة حيث وصلت القروض المقدمة سنوياً قرابة 30 ألف قرض لدعم المشاريع، ليبقى موضوع التعثر بالأقساط بنسب قليلة جداً، وبحسب تصريح الخضير فإن التوجه اليوم بعد النجاح الكبير للمصرف في مدن دمشق وحلب وحمص وحماة، للأرياف ودعم المشاريع المنتجة للسيدات المعيلات اللاتي أصبحن داعمات للمجتمع وبالتالي الأفضلية لهن.
مبدعون ولكن!
وفي نظرة شاملة لما قدم سابقاً وما يقدم اليوم من أفكار بلغت ذروتها من الإبداع والابتكار من رواد أعمال شباب، لا تزال تفتقد اليوم إلى حاضنات محلية لدعمها، سنجد بأن هناك نوعين من هذه الأفكار برأي الخبير الاقتصادي حازم عوض، فبعضها مشاريع تعتمد على الطموح والابتكار وأخرى هي مجرد أفكار لم تبصر النور بعد، واليوم مازلنا نفتقر لمبدأ التعامل مع هذه المشاريع من مبدأ الحاضنات التي تعدّ الداعم لها عدا عن غياب التمويل لها من مستثمرين، ليبقى لبعضها الاغتراب، وتحقيق هذه الشروط في الخارج من جولات التمويل ومسرعات الأعمال التي تعد حلقة وصل بين المستثمرين والشركات المقدمة لمنتجاتها تبعاً لأهميتها ودرجة اقتناعهم بها.
بينما يقتصر الدعم لدينا داخل البلاد على جهة واحدة تعتمد على غرف تجارة دمشق، بعيداً عن قيام صناديق استثمار مغامرة، لكون هذا المجال برأي عوض يحتاج رجال أعمال مغامرين، ويستلزم وجود صندوق استثمار آمن وقوي، إلى جانب تقديم تسهيلات العمل، فالكثير من الشباب يبدون استعدادهم للعمل لنجد الكثير منهم يصطدم بإجراءات مثل التراخيص والضرائب، عدا عن ضعف البنية التحتية وصعوبة تأمين مقومات العمل، لنجد أننا اليوم بحاجة لتذليلها في طريق كل مقبل على أي مشروع، إضافة لتقديم تسهيلات لها علاقة بفكر المستثمر أولاً والجانب التعليمي أيضاً.
وأمام ما يعيشه واقع سوق العمل من اضطرابات وضعف وهشاشة في بنائه لا تزال الآمال معلقة في النهوض بهذه المشاريع وتأمين الفرص للجميع