نسيم وسوف يكتب قصائده على مدى “ميس الأقاحي”

تشرين- رفاه حبيب:
بنصف قلب و”نص حياة”، خطّ نسيم وسوف مجموعته الشعرية (ميس الأقاحي) الصادرة عن دار عين الزهور للنشر والتوزيع بتنوع جميل، فيه خلطٍ سلس ما بين الشعر الموزون والتفعيلة، حيث نجد الشاعر ينتقل كنحلة نشيطة، من قصيدة إلى أخرى، ويأخذنا في رحلة حسيّة على أجنحة المعنى، ويغوص بنا في عمق لغوي واضح وثابت البنيان.
يرسم وسوف بأصابع من ورد كلمات تحمل رهافة الإحساس من جهة، ومن جهة أخرى قوة المعنى والترابط اللغوي الواضح، حيث يجعلنا نسرح معه في خيالاته الفلسفية المشبعة بانسيابية رائعة، ونذوب في رقة المشاعر، ونعيش مع الشاعر حالة من التناقض الجميل، ما بين عشقٍ يحاكي السحر لمحبوبته، وبين لامبالاة محببة! فهو يعبر عن عدم اكتراثه بالمحبوبة فيقول في قصيدته (قمر الشعر) :
لن أُتعٍبَ نفسي أو أسأل
ايُّ الأزهار بكِ الأجمل
أو أضني روحي بخيالٍ
ورسائلِ عشقٍ لن تُرسَل
لكنه يعود في القصيدة نفسها إلى وصف جمالها وتعلقه بها، واصفاً سحرها الفتان بقوله :
همساتُ غرامكِ تدهشني
توحي بجمال لم يُنزَل
في البحر تجوب شراعاتي
وبكفّ الريح غدَت تُحمَل
تبحث عن أحلى عاشقة
تعبَ النوتيّ ولم يَغفَل
وفي القصيدة ذاتها يصف الشاعر (كيد النساء) ، ذاكراً ما تفعله امرأة بالعاشق الولهان، وكيف تسلبه لبّه وتجعله في حالة من اللاوعي ، حيث يقول متسائلاً :
هل يوماً أغضبتَ امرأة
وعليك الأمر إذاً أشكَل
أو يوماً صدّقتَ امرأة
فغرفتَ شرابكَ بالقرطل؟
وخسرتَ صديقاً كي ترضى
وضربتَ جبينكَ بالقسطل؟
تحسبها عسلاً في شهدٍ
تلقاها كمرارِ الحنظل
كم رجلاً ليلى قتلتهُ
عابثةً نشوى.. تتجمّل!
وفي قصيدة التفعيلة ، نجد نَفساً شعرياً خصب المعاني ورهيف الحضور .. ففي قصيدته( يا صاحبي) التي يردّ فيها على قصيدة أهداه إياها الشاعر حسن إبراهيم سمعون، صديقه المقرّب يتساءل:
“عن أيّ أحلام تحدّثُ يا صديقي
والسنون نوارسٌ تمضي حثيثاً في مدى العمر المتاح؟
والموج يصرخ غاضباً حيناً
وحيناً هادئاً كالطفل في حضنِ الوشاح؟
تلك الكروم تيبّست أغصانها
والنسغُ أضحى كالقليل.. ولم يعد فيها حياة ..
حيث لا ورقٌ ليسترَ ابنة الكرم التي ما بارحت طبعَ التعرّي..
حيث تمضي كالحقيقة في مدى العمر المباح..
يا صاحبي
ولأنتَ أنتَ شريكُ قلبي.. قُل إذاً
من ذا يحسّ بما يدور ويعتري نشوى القلوب ..
ومن سيقري جائعاً إلا الجياعَ..
وهل سيبكي القلب إلا من به
عاثَ النّواح؟ ”
ونلمس هنا تخبط الشاعر ما بين الأحلام وسنين العمر الراحلات، واستسلامه للقدر المكتوب، والحقيقة التي لا تغيب عن ناظريه وهي قلبه المتعب المودع في عناية الخالق إلى أجل غير معلوم.. حيث يتقاسم الشاعر وصديقه المعاناة نفسها مع مرض القلب وتوابعه، فيصف الوجع المشترك ولواعج الروح المُتعبة، ويشربان معاً نخب انتصار إرادة الحياة وعشقها.
وفي استحضار شفيف ووصف عذب لعينيّ الحبيبة يقول وهو العاشق الثمل بتلك العينين واعداً إياها بطيب العيش ورجاء الأمان، والشوق يُضرم نيرانه في قلبه الملتاع :
بعينيك استوى نورٌ وماءُ
وريحُ الوعدِ إذ عزّ اللقاءُ
كذلك فيهما بحرٌ ووحيٌ
وما تحوي من السحر السماءُ
وفي عينيك نبعٌ من حنان
ووعدٌ ليس يُخفيه خِباءُ
فكم أهدَت سيولاً من أمانٍ
وفي لفتاتها النشوى اكتواءُ.
وفي ختام ديوانه قصيدة تفعيلة عنونها ب(وادي السلام)، يحوكُ قصته مع الموت الذي عاد منه ذات يوم، واصفاً تلك اللحظات المصيرية الصعبة ، ويُعَزّي نفسه باستمرارية الحياة، فنحن إلى زوال شئنا أم أبينا، وما ذهب لا يعود أبداً فيقول :
“مُذ غادرت أرضي.. هوى عشّ الحمام
ما عاد في سفح الشجيرة غيرُ قشّ يابسٍ
وقليلُ بوح من كلام
الريحُ لم ترجع بيوم
إنما تمضي إلى فوضى التلاشي ..
حيث يخبو نورها
وكذا الحياة رواحلٌ تمضي ويأتي غيرها
هو هكذا طبعُ الأنام…”

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية مؤتمر "كوب 29" يعكس عدم التوازن في الأولويات العالمية.. 300 مليار دولار.. تعهدات بمواجهة تغير المناخ تقل عن مشتريات مستحضرات التجميل ميدان حاكم سيلزم «إسرائيل» بالتفاوض على قاعدة «لبنان هنا ليبقى».. بوريل في ‏بيروت بمهمة أوروبية أم إسرائيلية؟ إنجاز طبي مذهل.. عملية زرع رئتين بتقنية الروبوت مركز المصالحة الروسي يُقدم مساعدات طبيّة وصحيّة لمصلحة المركز الصحي في حطلة القوات الروسية تحسن تموضعها على عدة محاور.. وبيسكوف: المواجهة الحالية يثيرها الغرب