عاد زوجها مختالاً بمشيته، وأسارير وجهه ترقص فرحاً، حتى ظنت أنه ربح ورقة يانصيب أو سمع خبراً يحيي تجارته الراكدة، وما هي إلا لحظات حتى اكتشفت سر ابتهاجه حينما بادرها بالقول: (إجت رسالة البنزين…والله شعرت بأني “مواطن” لمى عبيت البنزين المدعوم)…حينها تساءلت الزوجة التي أصابتها “عدوى” السعادة، وإن كانت “وقتية” عن موعد رسالة المازوت وتبرك الموبايل بمجيئها من جراء ارتفاع أسعاره الجنوني ولاسيما أن “الشتوية” طرقت الباب بقوة.
حال الزوج “السعيد” برسالة “الدعم” تتشابه مع حال أغلب مالكي السيارات من ذوي الدخل المحدود والمتوسط، بعدما أصبحت تكلفة شرائه مرهقة إذا كان مدعوماً، فكيف وهم يضطرون إلى الشراء حراً أو من السوق السوداء الملتهبة، لصالح تجارها الذين يجنون أرباحاً خيالية من سرقة المواد المدعومة بالتعاون مع بعض الفاسدين، في هدر وضياع لمليارات الليرات على الخزينة، فتكون الخسائر مرتين، مرة عند استيرادها بمبالغ كبيرة، ومرة عند تسريبها في الخفاء إلى “السوداء”، ليدفع المواطنون على اختلاف ملاءاتهم المالية الثمن، وإن كان محدودو الدخل هم الأكثر تضرراً، ما يتوجب مكافحة هذه السوق “الناهبة” للمال العام ومحاسبة تجارها صغاراً وكباراً ومن يثبت التعاون معهم في هذه المؤسسة أو تلك، إذ لا يعقل أن تفقد “المحروقات” المدعومة، أو أن تتأخر رسائلها وقتاً طويلاً، بينما تتوافر بكثرة في السوق المخالفة لمن يرغب مادامت الجيوب “عمرانة”، فإلى متى سينتظر حتى يتم اتخاذ قرار جديّ بقمعها ومنع حيتانها من “تكويش” “الثروات”، علماً أن عدداً من المسؤولين لوّحوا من دون فعل ملموس بالتوجه إلى مكافحتها وأقرّوا بتلاعب يؤدي إلى تسريب كميات كبيرة من المواد المدعومة بغية استغلال الفرق بين سعر المدعوم وغير المدعوم، وهذا يستوجب أشد العقوبات بحق المتلاعبين، ولاسيما أن بيوت عائلات كثيرة ستبقى باردة في ظل شتاء قاس لعدم المقدرة على تأمين مازوت كاف لتدفئتها.
وصول رسائل السلع المدعومة خاصة اللازمة للتدفئة والنقل في وقتها في هذه الأيام الباردة، يستلزم تعاوناً عالي المستوى بين جميع الوزارات المعنية، من دون إعادة مسلسل تقاذف المسؤوليات، مع العمل على ضبط شبكات الفساد المساهمة في ازدهار السوق السوداء في الموسم الشتوي، فهذه الكميات المتسربة من حق المواطنين، والمتاجرة بها من الأفعال الجسيمة التي تستوجب أشد العقوبات، وهذا ممكن عند توافر النية والإرادة في ضبط عمليات توزيع السلع المدعومة وإعادة المسروقات من الفاسدين إلى المستحقين، حينها قد نشهد تكراراً لحالات السعادة البادية على وجوه المواطنين “أزواجاً وزوجات” عند “تشريف” رسائل الدعم الذكي و”المبهج” أيضاً.