ميادين النفوس!
لو نترفق بقلوبنا، فكسر القلب لا يأتي إلا من صاحبه أولا.. والحياة لا تغلق أبوابها في وجه أحد.. دائماً هنالك بركة ورحمة في كل شيء حولنا ويكفي أن نشرب بعض الماء لتنبت البذور في قلوبنا من جديد فنولد من جديد.. مهما كانت الخسارة كبيرة فهي ليست أكثر من مكان وليست أكثر من أشخاص لا يستحقون دموعنا وليست أكثر من مال، أما الخسارة الحقيقية فعندما نستسلم للصدأ ونتركه يقضي على قلوبنا ونعيش داخل غابة سوداء لا نرى فيها بصيص نور أو إشراقة زهرة.
إن رحلة الحياة تقوم على بحر من الهموم وجبل الجليد يقطع القلب وعندما تدخل الهموم قلوبنا نبدأ بالغرق ثم تنكسر حياتنا، والقلب لا ينكسر إلا إذا تم تضخيم الهموم وكثرت الشكوى.
بعض الأشخاص يتقنون الشكوى لدرجة أنهم لا يرون من الحياة إلا لوناً واحداً باهتاً.. ويغوصون في الهمِّ وينشرون القلق والفزع من حولهم فيسببون التعاسة والكآبة لأنفسهم ولأقرب الناس إليهم..
فكيف وصلوا إلى هذه الحالة من انشراخ في القلب وسمحوا للهمِّ بأن يتسرب إلى قلوبهم فيغرقوا ويستسلموا لمصابهم؟
إن تضخيم الشكوى والإدمان عليها هما ذلك النتوء الذي يجرح القلب ويسمح للهموم بالدخول إليها والاستيطان فيها, وبدلاً من أن نطفو فوق بحر الهموم يتسرب الهمّ إلى القلوب فيغرقها!
على بحر الهموم مرت مراكب كثيرة منهم من فقد ثروته ومنهم من فقد منصبه ومنهم من تخلى عنه أقرب الناس إليه.. لكن قلوبهم لم تغرق في بحر الأحزان والتأمت جراحها بشفاء دواؤه قلة الشكوى وكثرة التأمل بأن في الكون من يعطي أكثر مما ضاع, وليست بضاعة المال كبضاعة الرضا، ومن فقد مكاناً أو كرسياً وجد أن الكون بسماواته وأراضيه فيه فسح كبيرة تسعد فؤاده أضعاف ما كان يسعده اللقب، ورب عمر كانت خواتيمه بردا وسلاما على من وجد الطريق.