من النظرة الدونية إلى التقدير والشغف لدراسته.. التعليم المهني يؤمن آلاف فرص العمل للخريجين
تشرين- بشرى سمير:
عانى طلاب التعليم المهني والتقني على مدار سنوات عديدة من النظرة الدونية، والإحجام عن دراسة هذا النوع من التعليم على اعتبار أن الطلاب الدارسين فيه هم من الذين لم ينالوا درجات عالية بشهادة التعليم الأساسي تؤهلهم للدراسة في التعليم العام، لكن نتيجة الظروف ومتطلبات الحياة المعيشية وصعوبة تأمين فرصة عمل جعلت التعليم المهني يحظى في أيامنا هذه بمكانة عالية ويشهد إقبالاً كبيراً لدراسته.
مدير التعليم المهني والتقني في وزارة التربية فهمي الأكحل أوضح في تصريح لـ”تشرين” أنه كانت هناك نظرة اجتماعية سلبية للتعليم المهني وكان الأمر متعلقاً بمدى رغبة الأهل في أن يصبح أبناؤهم أطباء ومهندسين وينظرون إلى العمل المهني على أنه درجة ثانية، لكن اليوم تغيرت تلك النظرة بحكم الظروف الاقتصادية ونتيجة لتفتح المجتمع إضافة إلى الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية بخصوص تحسين واقع التعليم المهني، ولعل من أهم الإجراءات المتخذة هو إصدار القانون رقم 38 لعام 2021 الخاص بالتعليم الثانوي المهني لجهة التركيز على تدريب الطلاب في بيئة العمل الحقيقية ورفع مستوى الخريجين العلمية والعملية، مشيراً إلى أن القانون أعطى الصلاحية بتحويل المدارس المهنية إلى مؤسسات إنتاجية وتوفير مستلزمات التدريب وتأمين الدخل المادي للمدرس والطالب حيث سمح لمدارس التعليم المهني بالتعاقد مع القطاعين العام والخاص والمشترك وتنفيذ هذه العقود من قبلها وسبق ذلك فتح مسارات مع التعليم العالي من خلال الكليات التطبيقية المتعددة في معظم الاختصاصات المهنية إضافة إلى تعيين 5% من الأوائل في وظائف الدولة وقبول 3% من الأوائل في كليات الهندسة.
واعتبر الأكحل أن الوزارة لم تصل بعد إلى الدرجة المطلوبة التي تصبو إليها في الارتقاء بالتعليم المهني والتقني لكن هناك تحسن ملحوظ، ففي الأعوام الماضية كنا نتحدث عن عزوف وتسرب الطلاب من هذا النوع من التعليم، وفي هذا العام بتنا نتحدث عن شيء جديد يتعلق بنسبة الجذب إلى التعليم المهني والتقني والمقصود هو عدد الطلاب الذين يحق لهم التعليم العام وسجلوا بالتعليم المهني والتقني بملء ارادتهم ويضافوا إلى العدد الكلي وبالتالي بات لدينا نسبة جيدة من الطلاب تلتحق بالتعليم المهني بناء على رغبتهم وهذا يعكس النظرة الإيجابية للتعليم.
وأوضح الأكحل أنه وفي هذا العام هناك أكثر من 35 ألف طالب وطالبة في الأول الثانوي يتلقون التعليم المهني والتقني، وفي كامل المرحلة الثانوية هناك قرابة 90 ألف طالب ضمن 500 ثانوية مهنية موزعة بمختلف المحافظات تندرج تحت ثلاثة اختصاصات ثانوية مهنية وتجارية ونسوية.
وحول كلفة الطالب في التعليم المهني بين الاكحل أن الكلفة متغيرة حسب المهنة التي يدرسها الطالب وحسب الأسعار ولا يوجد إحصائية دقيقة بهذه الخصوص، منوهاً بوجود كلفة تتعلق بمستلزمات كل مهنة من الآلات والمعدات والتدريب عليها إضافة لوجود كلف تتعلق بالعمل الاستثماري والتأسيسي، ولفت الاكحل إلى أن عدد أنواع المهن والحرف التي يشملها المنهاج الدراسي لهذه الثانويات يصل إلى 23 مهنة، منها الخياطة والحلاقة والتجميل وتصميم الأزياء، و20 مهنة صناعية تندرج في سياقين، الأول تعليم مهني عادي، والثاني تعليم مهني مزدوج، والفرق بينهما أن الأخير يتم بالشراكة مع سوق العمل أو الشركات الخاصة من شركات القطاع العام أو إحدى المؤسسات القائمة بحيث يتم تدريس المعلومات النظرية بالمدرسة والتدريب العملي في الشركة أو المؤسسة الشريكة، أما في التعليم المهني العادي يتم التدريس النظري والعملي داخل المدرسة الصناعية أو المهنية ويتم إعداد الطلاب وتأهيلهم بما يتناسب مع حاجة سوق العمل.
وأضاف الأكحل: أحدث المهن الموجودة حالياً هي مهنة الحلاقة والتجميل والتي طبقت منذ عامين وهناك مهنة الاتصالات ومهنة ميكاترونكس وتعتبر حديثة نسبياً، وهناك توسع بالمهن الموجودة والقائمة، ويوجد هذا العام 8 مواقع جديدة تم إحداثها في المحافظات المختلفة وخاصة في إدلب ودير الزور والرقة، مبيناً وجود مبالغ مالية كبيرة تصرف على التعليم المهني لتحويل المدارس إلى مراكز إنتاجية بموجب القانون 38 الذي غطى نسبة كبيرة من التكاليف المصروفة على التعليم المهني والتقني وأصبح بالإمكان تنفيذ عقود مع قطاعات الدولة، كاشفاً أن الربح في قسم كبير منه يعود لصالح المؤسسات التعليمية، والنصف الثاني لمنفذي الإنتاج.
وقال الأكحل: من أنجح العقود هو العقد المبرم بين المدرسة الصناعية في حمص مع جامعة البعث بقيمة 60 مليون ليرة وهو لتنفيذ أعمال الصيانة والتدفئة في إحدى الوحدات السكنية في جامعة البعث وأعطى نتائج إيجابية جيدة جداً، وعكس مدى قدرة طلاب التعليم المهني والتقني على تنفيذ مشاريع بهذا المستوى، ونأمل في الأيام القادمة تحقيق المزيد من المشاريع وتعميمها على كافة القطاعات والمهن ذات الطبيعة الإنتاجية أو المهن التي تعتمد في جوهرها على الصيانة والإصلاح.
وتطرق الأكحل إلى الصعوبات التي يعاني منها التعليم المهني ومنها نقص الكادر التدريسي فهو في حده الأدنى ويتم اللجوء إلى إعطاء ساعات إضافية للمعلمين القائمين أو الاستعانة من خارج الملاك واستقدام عدد من الراغبين بوكالات أو ساعات تدريسية إضافة إلى نقص مستلزمات التدريب، ورغم المعوقات إلا أننا نسعى دائماً لإيجاد حلول مناسبة ونأمل أن نتوسع أفقياً وعمودياً، عبر زيادة عدد المواقع من المهن المحدثة والتي هي 23 مهنة، وزيادة عدد المهن المحدثة، ونحن اليوم بصدد إقامة تعليم مزدوج مع اتحاد النحالين العرب بخصوص تربية النحل وتأمين كافة مستلزماته بما يخص الخلية ولباس النحال وهناك تفكير بالدخول بمهن جديدة تخص الجانب الإنشائي والمعماري.