١٥٠ مليار ليرة لم تنقذ قطاع الدواجن من الاحتضار.. مدخلات الإنتاج خارج دائرة التسعير.. و”التجارة الداخلية” تسعيرتها خارج حسابات التكلفة!
تشرين- ميليا اسبر:
برغم حيويّته وأهميّته في اقتصاد البلد وغذائه،لا يزال قطاع الدواجن يتعثر في الكثير من خطواته من دون الوصول إلى حلول جذرية لمشكلاته،الأمر الذي اضطر عدداً كبيراً من المربين إلى خروج من الخدمة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار منتجاته بما يفوق قدرة المستهلك الشرائية .
لا حلول في الأفق
حكمت حدّاد (مربي دواجن ) أوضح أنّ القطاع يمر بصعوبات كثيرة أهمها الأعلاف التي تشكل 85% من التكلفة بينما بقية الكلفة ليست بالمشكلة الكبيرة مقارنة بمشكلة الأعلاف، مؤكداً أنه لا توجد حلول في الأفق، والوضع يزداد سوءاً، وأنّ أكثر من نصف المربين خرجوا من التربية بسبب الخسارات الكبيرة،لافتاً إلى أنّ التكلفة مرتفعة جدا،ً فعلى سبيل المثال تربية 10000 دجاجة بياضة تكلف حوالي 350 مليون ليرة، وهذه المهنة على كف عفريت، منوهاً بأنّ ارتفاع أسعار الأعلاف عالمياً أثر بشكل كبير في زيادة التكلفة، إضافة إلى تغييرات بسعر الصرف التي زادت الطين بلة، عدا عن ذلك فالمربي لا يستطيع بيع منتجاته بأسعار مرتفعة لتعويض خسارته بسبب الدخل المتدني جداً للمواطن الذي لا يستطيع الشراء.
وبيّن حداد أنّه حالياً يوجد تحسن طفيف نتيجة توفر مادة الذرة الصفراء المحلية، حيث إنّ الفرق بين سعر الذرة المستوردة والبلدية حوالي 400 ليرة للكغ الواحد، حيث سعر الكيلو المستورد 2500 ليرة، لكن سعر مادة فول الصويا مرتفع جداً،حيث يبلغ سعر الطن منها أكثر من 5 ملايين ليرة، وهي مرتفعة أكثر من دول الجوار، على سبيل المثال في لبنان سعر الطن منها 3.5 ملايين ليرة، منوهاً بأن المربي لم يعد يستطيع الاستمرار في التربية بهذه الظروف الصعبة ويحتاج إلى دعم كبير.
قطاع الدواجن يحتضر
مدير عام مؤسسة الدواجن الدكتور سامي أبو دان أشار في تصريح لـ”تشرين” إلى أنّ قطاع الدواجن يحتضر ويجب إسعافه، فهناك أمران أساسيان يعاني منهما هذا القطاع، الأول: غلاء أسعار الأعلاف على اعتبار أنها مستوردة وتتعلق بتذبذب سعر الصرف، والثاني أن وزارة التجارة الداخلية لا تسعّر المنتجات بشكل يتناسب مع التكلفة الحقيقية،على سبيل المثال سعر كيلو الصويا 4700 ليرة وغير متوافر، كذلك لا يوجد مازوت، وفي حال توافر فإن سعره في السوق السوداء 8000 ليرة، وأيضاً الفحم الحجري أسعاره غير مجدية اقتصادياً للتربية، لذلك من الطبيعي أن تتراجع التربية ويصبح هناك نقص في المادة سواء البيض أو الفروج .
وذكر أبو دان أنّ تكلفة الكيلو غرام من الفروج هي 11 ألف ليرة، بينما يسّعر في نشرة التموين بعشرة آلاف ومئتي ليرة، أما تكلفة صحن البيض 16300 ليرة بينما حسب تسعيرة التموين 13500 ليرة، ما يعني أن المربي يتعرض لخسارة سواء بالفروج أو البيض،لافتاً إلى أنه حتّى الشهر السادس أكثر من 50 % من مربي فرخات البياض خرجت من الخدمة، إضافة إلى خروج عدد من مربي الفروج نتيجة خساراتهم الكبيرة .
يحتاج دعماً حكومياً
وبيّن أبو دان أن العلاقة يجب أن تكون مع وزارة التجارة الداخلية، لأنه من حق المواطن أن يشتري سلعة بسعر أرخص، وهنا يجب على الحكومة أن تعمل على موضوع الدعم من خلال تخفيض أسعار منتجات هذا القطاع، على غرار دعمها لمواد (السكر- الزيت – الرز)، وإعطاء المنتج التكلفة الحقيقية ولو بهامش ربح بسيط من أجل أن يستمر بالعمل، وتالياً إيقاف انهيار قطاع الدواجن .
مستغرباً أن تحدد وزارة التموين سعر مخرجات الإنتاج النهائية (البيض والفروج) ولا تحدد سعراً أو تدعم مدخلات الإنتاج مثل الذرة والصويا، وإذا كانت تحدد التسعيرة النهائية فعليها أن تضعها بما يتوازى مع القيمة الحقيقة للتكلفة بهدف إنصاف المربين وتشجيعهم على الاستمرار في المهنة
أسعار الأعلاف مستقرة
بدوره مدير عام مؤسسة الأعلاف عبد الكريم شباط بيّن أنّ الذرة الصفراء المحلية متوافرة في السوق وبأسعار مناسبة، حيث إنّ سعر الكيلو منها 1900 ليرة، لافتاً إلى أنّ إنتاج موسم الذرة الصفراء لهذا العام تجاوز 500 ألف طن،علماً أنّها المادة الأساسية في تربية الدواجن، مؤكداً أنّ أسعار المواد العلفية مستقرة منذ خمسة أشهر، علماً أنها مرتفعة لكنها حافظت على سعرها من دون ارتفاعات إضافية، في حين ارتفعت منتجات الدواجن بشكل واضح، مشيراً إلى أن العملية هي عرض وطلب، إضافة إلى أن الحلقات الوسيطة هي التي تأخذ النسبة الأكبر، وكذلك ارتفاع أجور النقل والمحروقات يلعب دوراً في ارتفاع الأسعار.
وأوضح شباط أن المؤسسة توزع جزءاً من المقنن وليس كامل المقنن، وقد باعت المؤسسة لقطاع الثروة الحيوانية كمية بقيمة تعادل 450 مليار ليرة، وبسعر أقل من السوق بحدود 25- 30%، يعني أن هناك دعماً ما يعادل 150 مليار ليرة منذ بداية العام وحتى تاريخه حيث تم تقديمه لقطاع الثروة الحيوانية.