أول من يمرض وآخر من يتعافى.. المصارف تغيب بقروضها عن أهالي محافظة دير الزور
تشرين – عثمان الخلف:
ينتظر أهالي محافظة دير الزور إطلاق مصارفها الحكوميّة ومَنح القروض من جديد بعد غياب نتيجة الأحداث التي مرت بها المحافظة، يسمع الديريون كل حين عن القروض التي تمنحها المصارف بمختلف أشكالها، غير أنهم إلى الآن خارج دائرتها، أو على حدّ تعبيرهم كلما جاء إعلانٌ عن قروض “خرجوا من مولدها بلا حمص” .
الأوضاع تفرضها
يُشير المواطن خالد حنادة إلى أن إعادة منح القروض من قبل المصارف الحكوميّة في دير الزور بات مطلوباً أكثر في هذه الفترة، كنتيجة لما أفرزته الأحداث من واقع معيشي صعب، حيث متطلبات كثيرة تستلزمه، وأولها إعادة إعمار ما دمرته الحرب بالأملاك والمنازل .
وهو الأمر الذي يؤكده محمد السليمان في شكواه لـ”تشرين”: “غالباً ما تأتي تلك القروض لتساعد الناس في ظل الأوضاع الطبيعيّة، فما بالك وقد بات كل أمر يحتاجه الأهالي في دير الزور من أساسيات يفرضها، بدءاً بالمسكن، ومروراً بتمويل مشروع جديد لغرض تأمين مصدر معيشي، وسوى ذلك، ولاسيما أن الدمار طال البنى التحتيّة، الخاصة منها والعامة ”
ولفت عبد القادر مصطفى إلى أن الأهالي يسمعون منذ فترة عن قرب إعادة العمل بمنح القروض من قبل مصارف دير الزور الحكوميّة، غير أن لاشيء تحقق، ليبقى سؤالنا: متى يكون ذلك، وهو المطلب الذي يطرحه الأهالي، ولاسيما ذوو الدخل المحدود، ممن يجدون في قروض كهذه نافذة عون يمكن أن تنهض بهم، خصوصاً بعد مرور سنوات على التحرير وعودة الحياة الطبيعيّة لربوعها، ولا ننسى هنا حال الصرافات الغائبة عن العمل في معظم الأوقات وما ينجم عن ذلك من أزمات واكتظاظات ؟!
نقص العمالة
جملة معوقات تحول دون عودة مصارف دير الزور إلى عملها بمنح القروض للمواطنين الراغبين بذلك، معوقات تطول صلب آليات عملها، وليست بقية الخدمات بمنأى عنها ولاسيما وضع الصرافات وغيرها من تجهيزات العمل فيها .
ففي تصريح لـ” تشرين ” كشفت مديرة فرع المصرف التجاري بشرى الصّياح عن واقع من المعاناة يعيشها الفرع: “رأس معاناتنا تكمن في نقص العمالة، في السابق ضم المصرف أكثر من 65 موظفاً بمختلف الأقسام، حالياً ليس لدينا سوى 21، من ضمنهم حراس وسائقون، هذا الأمر أفقدنا عمالة في مفاصل رئيسة كحال أقسام القروض والكفالات ، إضافةً لمسؤول عن تغذية الصرافات، ناهيك بقلتهم بالنسبة لقسمي المحاسبة وخدمة الزبائن، لذا فإنّ الإشكالية فيما خص منح القروض وإعادة تفعيلها تتطلب وفرة العمالة، ناهيك بالمقر المناسب، فبعد التدمير للمقر السابق، اضطررنا لأخذ قسم من مقر المصرف العقاري ، أصلاً لا يستوعب ضغط المراجعين والزبائن ”
وأضافت : ” نواجه مشاكل مستمرة بخصوص أجهزة الحواسيب والطابعات التي باتت قديمة وأعطالها كثيرة، والأهم هنا ما نعانيه بشأن الخزائن الحديدية(القاصات) لوضع الأموال فيها، والتي نفتقدها بالكامل، وأمام ذلك اضطررنا لاستخدام خزانة عادية وتفصيل خزنة صغيرة هي أصلاً خزان مياه لغرض حفظها وحمايتها، أو نضعها في كراتين على الأرض تأخذ حيزاً من المكان الضيق أصلاً وحدّث عن مشاكل الصرّافات التي باتت قديمة جداً بأعطالها، وهي تتساوق ومشكلة( البكرات) غير المتوفرة بدير الزور، والتي يُسبب فقدها عدم تشغيل ما هو مُتاح ، وتحتاج دائماً لتأمينها طلبات شراء من دمشق حصراً، أضف لذلك الـBOs ، وهو صراف صغير ضمن عملنا ، يؤدي انقطاعه من(البكرات) لتوقفه عن العمل ”
الصّياح أشارت لافتقاد التجاري موظف دعم فني تقني تقع صيانة الصرافات والحواسيب وسواها من تجهيزات على عاتقه .
مدير مصرف التسليف “ريم علوني” أكدت أن المصرف كان يمنح مختلف أنواع القروض قُبيل الأزمة الراهنة، من قروض إنتاجيّة، إلى السياحيّة، إلى قروض السيارات، فالطاقة الشمسيّة، وصولاً لذوي الدخل المحدود، موضحةً أن نقص الكوادر العاملة بالمصرف يقف حجر عثرة بوجه خطوة كهذه فقالت: ” كان المصرف يضم عمالة لمختلف أقسام العمل تصل إلى 34 عاملاً، فيما هم حالياً 13، بينهم 3 حراس ، وأمين صندوق ، وفني كهرباء ، بينما يحتاج العمل لمنح القروض فقط لقرابة 4 موظفين على الأقل ، ولم توفر المسابقة العامة الأخيرة أي نوع من العمالة لمصرفنا، رغم حاجتنا لذلك حتى لغير موضوعة القروض ، ولحظ ما سينجم عن حركة تقاعد العاملين من نقص يطول مفاصل هامة في عملنا ” ، عمل المصرف حالياً يتركز على تحصيل ديون القروض المُتعثرة والذي حقق نسباً كبيرة كنتيجة لتفعيل عمل منظومة الحجز الإلكتروني، وما بقي منها يكاد لايُذكر، علماً أن لا مبنى مستقلاً للمصرف حالياً ، فالتدمير الذي طاله ، فرض أن يتحول العمل إلى قسم ضمن مبنى المصرف الصناعي ، ولهذا الأمر تبعات كثيرة ومؤثرات في بنية خدماته.
شكوى المصرف العقاري لم تختلف عن سابقيه ، 40 عاملاً كانوا قائمين على تسيير مجريات عمله في السابق، حسبما بيّن مديره محمود العنّان: ” حالياً ينهض عمل المصرف على أكتاف 7 موظفين ، بينهم 3 بصفة عقود ، و3 عمال دائمين ، مع الإدارة ، هكذا واقع عمالة لا يُمكّن بلا شك من إعادة منح القروض، رغم تمنياتنا لذلك ، فالعائق يكمن في هذا المفصل، كما ونعاني من قِدم أجهزة الحواسب ، ناهيك بأجهزة الصرافات كثيرة الأعطال والتي باتت خارج الخدمة، عملنا راهناً يقتصر على تحصيل قروض المديونين ، والحسابات الجارية ، مع التنويه بأن مسابقة التوظيف العامة الأخيرة لم تجُد علينا بأي موظف.
العنّان تمنى إيجاد الحلول الناجعة لوضع الأجهزة المذكورة ، إضافةً لتخصيص العمل المصرفي الحكومي بمسابقات تُمكّن من توفير العمالة الكفوءة ومن ذوي الاختصاص، ممن تحتاجه طبيعة عملنا ؟
من جانبها نسرين حيزة- مدير مصرف التوفير– لفتت إلى ضيق المكان الحاضن لعمل المصرف، إثر الدمار الذي ألحقه الإر*ه*اب بالمقر القديم للمصرف: ” نؤدي عملنا في زاوية صغيرة من صالة المصرف العقاري حالياً، والسؤال: كيف يُمكن في ظل واقع كهذا توسيع الخدمات التي كان (التوفير) يُقدمها، ناهيك بالنقص الحاد بالعمالة، فبعد أن كان عدد العمالة سابقاً يصل إلى 19 ، هم الآن لا يتجاوز عددهم 5 ، بينما العدد الذي تحتاجه عملية منح القروض 6 عاملين فقط ، هذا إن لم نذكر حاجتنا لسيارة خاصة بنقل الأموال وسوى ذلك” .
حاجات مفصليّة
ما تعيشه مصارف دير الزور من واقع ضاغط للأسباب آنفة الذكر، والتي جاءت على ألسنة إدارتها يفرض على الإدارات العامة بدمشق لحظ تلك الضرورات في العمل المصرفي، وإذ لا يُساعد الراهن المعيش على توسيع الخدمات، ومنها منح القروض والذي بات حاجة ماسة، فإن توفير العمالة والتجهيزات الحديثة، سيخدم على الأقل ما هو مطلوب حالياً، ليُبنى عليه لاحقاً المزيد من هذه الخدمات، ورأس قائمة أولوياته حتماً تأهيل المقرات الأصليّة ، لتوفير الأمان في العمل لجهة حفظ الأموال، وفي الآن انسيابية ومرونة تُبعدنا عن الأزمات وحالات الاكتظاظ .
يُذكر أنه في تقرير سابق لـ” تشرين” كان مدير ماليّة دير الزور صرّح عن أملٍ بقرب إطلاق منح القروض للمواطنين، وما طرحنا هذا إلّا للتذكير بذلك، ومعه التذكير بحال فروع المصارف الحكوميّة في المحافظة، معاناتها ومعاناة العاملين فيها، وما ينعكس أيضاً على الخدمات التي يطلبها المواطن .