عندما كتب الشاعر الراحل حسين حمزة أغنية للعنب الدوماني
تشرين- سامر الشغري
تخبرنا المكتشفات الأثرية أن سورية كانت الموطن القديم لزراعة الكرمة، ومنها نقل الفينيقيون زراعتها الى مصر وأوروبا، وفي ربوعها وجدت بعثات التنقيب معاصر الدبس والنبيذ والمعابد التي كرست لباخوس إله الخمر.. وظلت دمشق بغوطتيها الشرقية والغربية على مدى قرون موئلاً لزراعة العنب الذي لم يعرف العالم مثيلاً له في طعمه وجودته، وتفنن الفلاحون في زراعته من المتسلق إلى الأرضي، وتنافست عاصمتا الغوطتين دوما وداريا في أيهما يزرع العنب الأفضل.
ففي داريا هناك العنب الديراني بلونه الأخضر الفاتح وحبته المتطاولة ونسيجه المتماسك، والذي يتميز بقدرته على التخزين لفترة طويلة ما جعله مفضلاً كعنب للمائدة.
أما دوما فاشتهرت بعنبها أحمر اللون شديد الحلاوة، والمعروف بالدوماني، وفي الماضي كان الدمشقيون يطلقون عليه عنب الطيّانة لما كان يبثه في الجسم من سعرات حرارية، ورغم أنه لا يمكن تخزينه فترة طويلة كالديراني، ولكنه مناسب جداً لصناعة الخل والدبس والصليبة.
وما أزال أذكر كروم العنب التي كانت تقع خلف دارنا القديمة وتمتد على مساحات شاسعة إلى سجن عدرا المركزي، قبل أن تقطع وتبنى مكانها عمارات سكنية ومعامل ومستودعات وأحياء سكن عشوائي، وحكايات نواطير العنب وخيمهم وكيف كانت الكروم التي خصصها أصحابها لعابري السبيل ليأكلوا من عناقيدها تثمر أضعاف غيرها.
لقد أغرى شكل ومذاق العنب الدوماني أحد أهم شعراء العامية المعاصرين الراحل حسين حمزة، في كتابة أغنية كانت تبثها إذاعة دمشق في صباحات سنوات الثمانينيات لحنها الموسيقار الراحل سعيد قطب وشدت بها مغنية اسمها منال اختفت عن الساحة منذ زمن طويل:
(حصرم عنقودك يا غالي
مرمر يا زماني
عنقود مربى عالغالي
سكّر يا دوماني
وشو جاب السكّر للمر
ومين اللي دوقني المر
وشو هالسر اللي بعنقودك
بعمرو ما هنّاني).