تشابهات!

نزعم أن الاعتقاد بعقيدة ما، شأن خاص، لا يجوز التباهي به وصدعنا به، بمناسبة ومن دون مناسبة، فمن الطبيعي أن نتكلم في مسألة دينية ما، وأن نشير إلى اعتقادنا بها، وبتأثيراتها على حياتنا أو سلوكنا، لكن ما لا يفهم أن نتكلم بأي مسألة حياتية ونربطها بالدين، وبدين محدد، وأنه لا يجوز أن ننظر إليها بمعزل عن ذلك! واعتراضنا هذا، لا يعني الابتعاد عن الإيمان، فهذه مسألة أخرى يجب عدم الخلط بينهما. أن ينشر بعض الأشخاص أفكارهم حول اعتقاد ما، ويرّوجون له، هذا من حقهم، شرط أن يأتي الترويج بشكل لائق غير مسفّه لأحد، يحترم فكر الآخرين ومعتقداتهم.
وبمقابل من يستعرضون إيمانهم علينا، مع إن الإيمان يفترض أن يكون بين الإنسان وبين الخالق، لا أن يمنّ به على الآخرين، ثمة أيضاً من يستعرضون إلحادهم ويتباهون به، مع إنه في رأينا لا مناسبة للتباهي أيضاً بالإلحاد، فالطرفان على نقيض، لكنهما متشابهان باليقينية المشبعة بالمطلقات والثوابت، وببعدهما عن التفكير العقلي الذي يحترم الآخرين والإنسان عامة. كما أنك لترى من يتماثل مع النموذجين السابقين بين الذين يصدعوننا لأنهم ظلوا في حضن الوطن، فتجدهم بين حين وآخر يذكروننا بذلك، وكأنّ لولا وجودهم لتهشّم الوطن إلى أجزاء متناثرة، وهم يشبهون من يظلون يتباهون بمغادرتهم أرض الوطن، وخاصة الذين غادروه مبكراً ومن مناطق لم تجر فيها أي معارك أو تطلق فيها رصاصة واحدة، يتباهون أنهم فقط الذين على صواب، لأنهم تيقنوا بأن الحالة المعيشية الصعبة اليوم، كان لا بدّ لها أن تتفاقم تردّياً.
ولو تابعنا الرصد لوجدنا الذين يستخدمون وسيلة التواصل الاجتماعي الـ “فيسبوك”، وخاصةً من شريحة المشتغلين في حقول إبداعية متعددة، يهددون بحذف الصداقات، إن لم نتابع ما ينشرونه من إنجازات، وغالباً تأتي منشوراتهم بكلام غير لبق، وكأنهم ينظرون للأصدقاء كأجراء عندهم فقط لقراءة إنجازاتهم العظيمة، وحتى اللحظة لم ندرك بعد، الحكمة من تلك التهديدات، وكأننا سنحرم من موارد مالية أو من آخر إصدارات دُور النشر! فلماذا لا يعي أمثالهم أن النشر، لا قيمة فيه لأحد على أحد، ولا أي معروف، فمنذ متى يبحث الذين يشتغلون بالإبداع عن متابعين رغماً عنهم، فتلقي الإبداع يكون طوعياً وفي أوقات تناسب لحظات التلقي والظروف الحياتية، والإبداع عموماً رسالة نحو السموّ والارتقاء لا القمع والإلغاء!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار