كلمات رانيا بيطار
محزنٌ جداً ما كتبته رانيا بيطار في صفحتها في فيسبوك قبل أيام، ليس لأنها تشرح علناً وبِوضوح أسباب غيابها عن الشاشة، بل لِما تُوجزه كلماتها أيضاً من حقائق يعرفها جيداً من يتحكمون بصناعة المشهد الدرامي، ومن يُصفقون لهم، ويتجاهلها بالمقابل صنّاع التريندات والباحثون عن خبر ولقطة وجلسات تصوير لهذه الفنانة أو تلك، حتى أصبحت درامانا مُجرّد حكاية، تُفصّل على قياس ثلاثين حلقة، تُوهِم الجمهور بأنها تذهب به إلى ما كان قوله أو عرضه غير مقبولٍ سابقاً، تشغله قليلاً أو كثيراً، ثم تنتهي ومعها يختفي أي ذِكرٍ أو أثر.
تقول كاتبة “أشواك ناعمة” و”البيوت أسرار” بأنها “لن تسرق فكرة عملٍ تركي أو كوري أو مكسيكي لِتُرضي شركات الإنتاج، ولن تكتب عن الخيانة الفجة والعلاقات المُحرمة لتُبرر للخائن سبب خيانته مهما كان تقصير الطرف الآخر، أو للسارق ما دفعه للسرقة أو للعاهرة ما دفعها لتبيع جسدها برخص، ولن تُماشي الموجة وتكتب عن القهر والفقر والعشوائيات وما يحصل وراء كواليس أي طبقة كانت، فقط على سبيل نشر الغسيل الوسخ على الملأ ليصفق لها الجمهور”، كأنها تستعرض سريعاً مُجمل ما شاهدناه خلال الأعوام الأخيرة، جرائم وخيانات وعروض مجانية لكل ما هو مُبتذل من سلوكيات وأفكار، بحجة أنها تُمثل الواقع أو تستقي من التاريخ، في حين أنها أساءت للأول وشوّهت الثاني، وساهمت في تكريس صورٍ نمطية عن شخصياتٍ ومناطق بأكملها، واستهانت دونما مُبررٍ بقيمٍ ومبادئ لها وزنها، حتى خرج من يُطالب بوضع إشارة +18 قبل العرض!.
تشرح بيطار كيف رفضت معظم شركات الإنتاج ما كتبته، ربما عدّها البعض كاتبة انتهى زمنها أو لم تعد تمتلك موهبة الكتابة أصلاً أو لم تُطورها لتتماشى مع الوقت الحالي، حسب تعبيرها، غير أنّ تصريحاتها في هذا الشأن ليست الأولى لكاتبٍ سوري، فمنذ أعوام تحدث عدة كتّابٍ عن آلية التعاطي المُهينة حيث إنّ بعضهم انتظر ثلاثة أشهر ليتمكن من مقابلة أحد مدراء الشركات، عدا عن تدني الأجور ومُطالبات الإضافة والحذف وتعديل النصوص دون استئذان، إضافةً إلى اتهامات بالقصور وتراجع الإبداع والتكرار، وعلى أية حال لا يبدو أن انفراجاً ما يلوح في الأفق، لذلك نضم كلمتنا إلى كلمة رانيا بيطار “لن أكتب إلا ما يشبهني، وداعاً قلمي”.