عن العربة وجرّها
يُحكى أنّ ثمة شاباً ذهب إلى صاحب رواية “الفرسان الثلاثة” اسكندر ديماس، وعرض عليه أن يتعاونا معاً في كتابة رواية تاريخية؛ فما كان من ديماس إلا أن أجابهُ؛ وكيف تُريد أن يتعاون حمارٌ وحصان في جرِّ عربةٍ واحدة؟ غير أنّ بداهة الشاب كانت حاضرةً؛ إذ ردّ عليه: هذه إهانة يا سيدي, كيف تسمحُ لنفسك أن تصفني بالحصان؟!
ولكن ليس معنى ذلك أن في الكتابة المُشتركة ثمة حصان وحمار يتعاونان دائماً لجرّ عربة السرد، والأغلب أن من يجرّ العربة في هذه الحالة خيول لا غُبار على أصالتها، وما يُحدد “الرداءة”؛ هو جودة العربة، وجودة صناعتها. وعن عمل الفريق في العمل الإبداعي، فهو ليس جديداً، حتى إن ثمة الكثير من الأعمال الإبداعية لا يُمكن إنجازها من دون تكامل جهود فريق، مثل الأعمال التلفزيونية والسينمائية والمسرحية وغيرها، وإن كان هناك “قائد” لهذا الفريق، فعلى الأغلب تقع عليه مسؤولية فشل العمل الإبداعي أو نجاحه، والذي هنا أكثر ما يتجلى بالمخرج.
لكنّ ثمة أعمالاً إبداعية؛ ميزتها الفردية وحتى الذاتية، مثل الفن التشكيلي في مُعظم نتاجاته، أو الإبداع الأدبي في مجمل أنواعه وأشكاله، لكن هناك استثناءات لهذه الفردية، فقد تصدر كتب بجهود جماعية، كما يحدث في معرض تشكيلي جماعي، وقد درجت العادة فيما سبق على اثنين، يكونان مُتقاربين في التفكير والهموم والشواغل، وحتى في الصياغة., لكن ما يُلفت الانتباه إليه اليوم في المشهد الثقافي السوري؛ هو كثرة الكتب الصادرة حديثاً باسم أكثر من مؤلف، يصل عددهم أحياناً إلى أكثر من مئة كاتب، وقد يتجاوزون ذلك، وقد يكونون من أكثر من بلدٍ عربي، وقد لا يعرف بعضهم بعضاً أيضاً.
ميزة هذه الكتابة أنها نتاج تجمعات ثقافية تهتمُ بشأنٍ مُعين، وليس بنوع إبداعي فقط، بل بشكل إبداعي ضمن النوع، وهذا أكثر ما انتشر في قصيدة «الهايكو» العربية، وفي القصة القصيرة جداً.. بمعنى، أنّ أغلب النتاجات التي تصدر مُشتركة اليوم؛ هي في أنواع القصة والشعر، وفي السابق كان أكثرها في الأبحاث والدراسات وحتى في بعض التجارب الروائية.
إصدارات اليوم على الأغلب تكون وراءها روابط فيسبوكية، عن العربة وجرها أرادت أن تجعل من الافتراض واقعاً من ورق في حنينٍ لحاملٍ ثقافي يُحاول طول الوقت أن يكون يقين الأصابع.
هامش:
أنتِ
العاشقةُ من تفاحٍ وحبق؛
و.. أنا
الوافرُ والوارفُ بجبل الشوق،
نتجاورُ بالحبِ؛
تماماً
كتجاور بستانِ فاكهةٍ ونبعٍ
بالعذوبة القديمة.