محاكاة النفس البشرية عبر فيلم «بوح».. أيهم عرسان: الفيلم سيعرض قريباً على شاشات السينما

حوار : ميسون شباني
أنهى المخرج السينمائي أيهم عرسان إنجاز (برومو) فيلمه السينمائي “بوح”، وسيكون جاهزاً للعرض في الفترات القادمة، الفيلم متوسط الطول يمتد زهاء خمسين دقيقة، ويحاكي بتفاصيله دواخل النفس البشرية والمشاعر المختلطة التي يعيشها الإنسان، فهو يحكي عن حالة البوح التي نحتاجها عندما تثقل أرواحنا، ولا تصبح قادرة على التحمل نتيجة الألم والانكسارات التي تتعرض لها، وهو من بطولة كل من الفنانين: رنا شميس، ميلاد يوسف، روبين عيسى، زد. تامر العربيد.. ومن إنتاج المؤسسة العامة للسينما.
عن جاهزية الفيلم وإمكانية عرضه المتوقعة قال عرسان في تصريح خاص لـ«تشرين »: انتهينا مؤخراً من العمليات الفنية للفيلم، صحيح أنه أخذ وقتاً طويلاً في الكتابة ومراحل التنفيذ، لكن حاولت الاعتناء بكل تفصيل يخصّ الفيلم وله علاقة بالعوالم الداخلية للشخصيات، وهو سيكون ضمن صالات العرض السينمائي قريباً.. و”بوح” أعدّه بشكل ما تحيةً للمرأة لكونها هي التي تلجأ لمسألة الصمت عموماً، وتؤثر فيها خيبات الحياة بشكلٍ أكبر، ولا أقصد الخيبات التي لها علاقة بالشريك فقط، بل الخيبات المتلاحقة من محيط العمل والمجتمع وغيرهما، إضافة إلى أن هناك الكثير من الأشخاص الذين يلجؤون إلى مسألة الصمت والانكفاء على الذات والتعايش مع الحزن والألم الداخلي والرضوخ له في سبيل استمرار الحياة وأداء الواجبات.. وهذه الحالة غير صحية لأن تراكم الألم والضغط على الروح والنفس يجعل الإنسان يعيش حياة غير طبيعية، هذا الهاجس كان وراء إنجاز الفيلم أي مناقشة حالة: “هل من الممكن التعايش مع الألم”؟ أم نلجأ إلى البوح لبث أوجاعنا وإشراك الآخرين فيها في سبيل تطهير أنفسنا والتخلص من هذه الأعباء، كي يكمل المرء مسيرة حياته ويتلمس جوانب لها علاقة بالسعادة ولها علاقة بالفرح والحزن والاستمرار في الحياة بشكل غير روتيني، واخترت أن تكون البطلة سيدة تتمحور حولها قصة العمل لكون المرأة هي التي تملك المعاناة الأكبر في هذا المجال.
وعن صعوبة مخاطبة الروح والنفس البشرية عبر السينما، يجيب عرسان: إن الصعوبة تبدأ من مرحلة الكتابة، لأننا نتحدث عن مشاعر داخلية وانكسارات لها علاقة بتفاصيل صغيرة قد لاينتبه لها إلا صاحبها نفسه، أما عند الآخرين فقد تمرمن دون انتباه، فالبحث عنها والعمل عليها ووضعها ضمن سياق درامي حكائي عبر فيلم يتناول قصة وحكاية هو تحد صعب بدءاً من مرحلة الكتابة يليها الانتقال والعمل على تحضير عمليات التصوير، وخلق حالة التبني من قبل المجموعة بشكلٍ عام، وبالدرجة الأولى عند الممثلين، أي الوصول إلى مكان نكون فيه جميعنا شركاء في تقديم العمل، وهي مرحلة مهمة جداً للوصول إلى خلق حالة الشراكة مع كل عناصر المجموعة الفنية.
وعن مدى كون حالة البوح حالة صحية يقول عرسان: هي حالة لها علاقة بالتطّهر والحوار مع الآخر، وبثّ أوجاعنا له وإشعاره بأنه تصرف بقسوة وبطريقة جارحة، إضافة إلى أننا يجب أن نختار الشخص الصحيح لبثّ ألمنا، وكيف نبوح؟ فالبوح هو شيء من القلب والروح أي التعبير عنه من دون تنميق مع ضرورة اختيار الوقت الصحيح والشرط المناسب للأشياء، كي يقودنا إلى النتيجة المرجوة.
وبخصوص صعوبة إسقاط المعالجة النفسية عبر السينما يشير عرسان إلى أن هذا الأمر يحتاج ذكاء في توظيف هذه الحالة عبر كاميرا السينما، ويتم من خلال البحث والمراكمة والاطلاع والخبرات الحياتية كي يستطيع الكاتب تكوين هذه العناصر ووضعها ضمن سياقٍ درامي، وهو مهمة شاقة، لكن ممتعة في آن معاً، بمعنى طرح الحكاية والانسجام والتعايش مع هذه الشخصيات من جهة تفاعلاتها الخاصة ومحاكمتها الشخصية للأشياء وتوصيف كل شخصية بمنطقها الخاص، وتالياً يكون الكاتب في حالة حوار مع هذه الشخصيات، بطريقة تعبّر عن الأسباب النفسية التي تدعو إلى تبني هذا الموضوع والعمل عليه، إضافة إلى الحكاية نفسها وخلق المعطيات الدرامية التي من شأنها ولادة فيلم سينمائي.