«أم الكندراي»!
نَشَرَ الكاتب والسيناريست د. ممدوح حمادة في صفحته في فيسبوك أمس، قصةً عن الشاعر “أبو الكندراي” الذي اشترطَ عليه والد فتاةٍ أراد خطبتها، أن يُجيد قرض الشعر، حتى ينضمّ إلى العائلة الفصيحة، والتي تُصاهر الشعراء عالي المقام فقط، هكذا وَجَدَ صاحبنا نفسه في مواجهةٍ مع أخوال وخالات وأعمام وعمات العروس وأبنائهم الإناث والذكور، لكنه لم يستطع أن يُجاريهم، وما كان منه إلّا أن -والكلام هنا لحمادة- تنحنح ثلاثاً وسعل ثلاثاً ثم قال شاعراً بِقلب امرئ القيس ينبض في صدره: شفت البنية.. لابسة كندراي، حاملة الجرة.. ومعها طنجراي”، ولَكُم أن تعرفوا بأن هذه القصيدة ذهبت بِقائلها إلى فنزويلا، من دون أن يُرى ثانيةً.
يقول حمادة: “رحمَ الله ذلك الشاب فلا بدّ أنه قد فارق الحياة أو تجاوز المئة من العمر، فلو عاش حتى اندلاع الفيسبوك وأخواته لكان له مستقبلٌ آخر، ولكان لُقِّبَ بالشاعر حتماً، فكل ما يصنف تحت بند الهراء يلقى على الفيسبوك شعبيةً كبيرة ، وتُمنح الألقاب من شاعرٍ إلى روائي من دون حساب، وتُمنح مع هذه الألقاب الجوائز والشهادات من مراكز ومؤسسات لها أسماء كبيرة ولكنها عديمة المضامين”.
حكاية “أبو الكندراي” تُوجز الكثير مما قيل وسيُقال عن أفواج الناشرين في الموقع الأزرق، والمُفارقة المُستمرة أن يجد هؤلاء تفاعلاً كبيراً ممن حولهم، كان الظن سابقاً بأن المُعجبين والمُتابعين ليسوا إلّا الأقارب والأصدقاء، غير أن ازدياد أعدادهم وتبرّع بعضهم لإعادة نشر الكتابة من المستوى الضعيف مراتٍ ومرات، لا يُبشّر بالخير، لكن ما يجعل القلق مُضاعفاً أن يجد هؤلاء طريقهم إلى المنابر والفعاليات، لِيلقوا قصائدهم وقصصهم بالصوت أو للمشاركة في نقاش ديوانٍ أو رواية.
في السياق ذاته، يأتي الكلام عن مراكز الإبداع وأكاديميات الفنون العالمية، التي منحت إحداها شهادة أوسكار لعدة كاتبات “إيماناً منها بدور النساء في نهضة المجتمعات” تبعاً للعبارات المكتوبة على الصورة الممنوحة كجائزة، سارعت صاحباتها في نشرها والتباهي بها كوثيقة تدعم مواهبهن وقدراتهن التي وصلت عواصم العالم، ونالت الرضا على شكل صورة ورقة، لا ندري كيف اقتنع أكثر من ألف إنسانٍ بمصداقيتها، وكتبوا جميعهم يهنئون :” تستحقين كل التكريم”. ولو سمع مبدع “ضيعة ضايعة” و”الخربة” بما تكتبه لسمّاها ربما “أم الكندراي”.