جلسة متعثرة!
صحيح أننا نرحب بأي قراءة في أي كتاب، خاصةً إن كانت القراءة ستُلقى ضمن نشاط اتحاد الكتّاب العرب وفي ديوان شعر صادر عن هذا الاتحاد، فالقراءات النقدية لإصداراته خير ترويج لها، كما كنّا قد طرحنا في مقالة سابقة.
لكن ما استمعنا إليه من قراءةٍ تمت مؤخراً في ديوان شعري صادر عن اتحاد الكتاب العرب، لا تمت بأي صلة لأي مفهوم من مفاهيم القراءة.
ولذلك من حقنا أن نستغرب السماح لشخص ما، لا يُعرف أنه من الوسط الأدبي أو لديه ممارسة نقدية أدبية، أن يعتلي منبراً في هذه الهيئة الثقافية أو غيرها، ليتحدث عن جنس أدبي ما، مع احترامنا وتقديرنا لشخص الإنسان الذي قدّم تلك القراءة. فالمشكلة ليست في هذه الجلسة لكن فيما ستفتحه من باب على قراءات تشبهها قد يطلبها بقية أعضاء الاتحاد، وتالياً تصبح تقليداً غير ذي نفع.
فكل ما قيل في تلك القراءة كان كلاماً إنشائياً من حق أي أحد أن يقوله تعبيراً عن محبته بصديقه الشاعر وبشعره، لكن بينهما، وليس على منبر هيئة ثقافية. فإن كان هو من اعترف بأن لا علاقة له بالنقد فعلى أي أساس نمنحه منبر اتحاد الكتّاب؟
من دون أن يسوّغ لنا قراءة ما ينوي قراءته بكتاب نقدي صادر أو مجموعة مقالات. أمّا أن نقول كلاماً عن ديوان شعري، يصح قوله عن أي ديوان للشاعر ذاته، أو عن أي شاعر آخر، فهذه ليست حتى تعريفاً بالديوان.
وتصبح المفارقة مضاعفة حين يكون الديوان المعني بهذه القراءة تربة خصبة لقراءة نقدية يكون نسيجها خبرة بالتقاط شواغل الشاعر الفكرية المتعددة، وكيف تجلت في القصائد، بحوامل فنية، جديدة كانت أم سبق للشاعر أن نسج عليها شواغله.
أخيراً، قراءة الشاعر صاحب الديوان بعضاً من قصائده في مثل هذه الجلسات بإلقاء جميل عالي الإحساس يعود لقدرات كل شاعر يستطيع من خلاله تمثّل ما فيها من شحنات جمالية وشعورية، مسألة مهمة وضرورية، لكن إلقاء الشعر وحده لا يَعْدِلُ كفة الإتقان المنتظر والفائدة المرجوة من جلسات كهذه!