المجتمع المحلي يجترح حلولاً ليومياته الصعبة.. مبادرات أهلية في ريف جبلة لتجاوز نقص مياه الشرب
تشرين- صفاء إسماعيل:
أمام تحدي نقص مياه الشرب بوصفه المعاناة القديمة الجديدة لأغلبية قرى ريف اللاذقية، كان لزاماً على المجتمع المحلي أن يبحث عن الحلول لتغيير واقع المياه الشحيح، فساعتان من المياه كل ٢٠-٢٣ يوماً لا تكفي لتعبئة نصف الخزان، إذا حالف الأهالي الحظ وتزامن موعد ضخ المياه مع التغذية الكهربائية ليتمكن الأهالي من تشغيل المضخات الكهربائية لإيصال المياه إلى منازلهم وخزاناتهم.
ناهيك بوقوع الأهالي ضحية استغلال تجار المياه من أصحاب الصهاريج الذين “دوبلوا” أسعارهم على إيقاع تزايد الطلب، حيث وصل سعر تعبئة خزان سعة ٥ براميل إلى ما بين ٢٥-٣٠ ألفاً.
واقع الحال، دفع أهالي قرى وبلدات نواحي كل من الدالية، القطيلبية، حمام القراحلة لمواجهة تحدي نقص مياه الشرب بتفعيل العمل الأهلي عبر القيام بمد خط تغذية كهربائية لمحطة الحقل لضخ مياه الشرب في ريف اللاذقية، والتي تغذي ٣٨ قرية وتؤمن مياه الشرب لأكثر من ٥٥ ألف مواطن من أهالي تلك القرى ، وذلك بالتنسيق مع الأمانة السورية للتنمية وجهات حكومية، وبتمويل من مؤسسة “وسام الخير” الخيرية.
بدوره، أشار مدير عام المؤسسة العامة لمياه الشرب في اللاذقية المهندس ممدوح رجب في تصريح لـ”تشرين” إلى أهمية تنفيذ المبادرات الأهلية للنهوض بالواقع المحلي وتغييره نحو الأفضل لخدمة احتياجات الأهالي، مدللاً بتنفيذ مبادرات مجتمعية مهمة في محطتي بيت لوحو، والحقل بريف جبلة، حيث قام المجتمع المحلي بأعمال الحفر ومد الكابلات بعد تأمينها، وذلك بالتنسيق مع الأمانة السورية للتنمية، ومؤسستي مياه الشرب والكهرباء.
وبيّن رحب أنه لولا المبادرة الأهلية التي تم تنفيذها سابقاً في محطة بيت لوحو، لما تم تنفيذ المبادرة في محطة الحقل، باعتبار محطة بيت لوحو تأتي قبل محطة الحقل على خط مشروع الدالية، مشيراً إلى أنه بعد الانتهاء من تنفيذ المبادرتين وإعفائهما من التقنين الكهربائي الشهر الماضي، تم تقليص فترة التغذية بمياه الشرب من ٢٠-٢٣ يوماً لتصبح كل خمسة أيام إلى أسبوع.
وبعد تنفيذ المبادرة الأهلية في محطة الحقل التي تغذي ٣٨ قرية، أكد رجب أن محور مشروع الدالية يعمل بكامل طاقته، وأنه بات جاهزاً تقريباً بالكامل بعد إعفائه من التقنين الكهربائي بدءاً من محطة قرفيص الأولى حتى محطة خرايب سالم وبسطوير باستثناء محطة الأخيرة في بسطوير التي لا تزال تعمل على الديزل.
ولفت رجب إلى أن المبادرات المجتمعية فعالة على الأرض، مدللاً بمبادرة سيتم تنفيذها قريباً في محطة آبار الرويمية بمنطقة الحفة.
من جهته، رأى مدير الأمانة السورية للتنمية في اللاذقية راني صقر في تصريح لـ”تشرين” أن أي مبادرة لتكون واقعية ومنطقية لا بدّ من أن تنبع من المجتمع المحلي ويكون شريكاً فيها، مبيناً أن المبادرة الأهلية في محطة الحقل هي نتيجة عمل جماعي وتكاتف جهود أثمرت عن تغيير واقع التغذية بمياه الشرب، فالقرى البالغ عددها ٣٨ قرية والتي كانت تتغذى بالمياه مرة كل ٢٠-٢٣ يوماً، باتت تتغذى بالمياه كل خمسة أيام أو أسبوع كحد أقصى.
وشرح صقر أن محطة الضخ تقوم بإيصال المياه إلى الخزان التجميعي الذي بدوره يغذي القرى بمياه الشرب، وبسبب التقنين الكهربائي كان يمتلئ جزء من الخزان فقط ليتم فتح المياه إلى قرية صغيرة، ليعاود الامتلاء مجدداً والضخ باتجاه قرية أخرى، الأمر الذي كان يجعل الانتظار طويلاً، مستدركاً: لكن بعد إعفاء محطة الحقل من التقنين الكهربائي أصبح ضخ المياه باتجاه الخزان متواصلاً على مدار الساعة ما أدى لامتلاء الخزان وتقليص فترة التقنين لتصبح أقل من أسبوع.
وأضاف صقر: انطلاقاً من علاقة الأمانة السورية المباشرة مع المجتمع المحلي لبناء خططها وبرامجها وفقاً للاحتياجات الموجودة، تم التنسيق بين المجتمع المحلي في الدالية ومحيطها وبين الأمانة السورية التي قامت بالتنسيق مع المحافظة والشركة العامة للكهرباء باعتبارها الجهة الدارسة للمشروع، والمؤسسة العامة لمياه الشرب باعتبارها الجهة التي ستتسلّم المحطة بعد تأمين التغذية الكهربائية، بالإضافة للتنسيق مع الوزارات لأخذ الموافقات المطلوبة.
وأشار صقر إلى قيامهم بتنظيم عمل المجتمع المحلي الذي ساهم من خلال اليد العاملة والآليات بأعمال البنى التحتية من عمليات حفر المسار الذي تم تمديد الكابل الكهربائي داخله، ومد البحص والرمل، فيما قامت مؤسسة “وسام الخير” بالتمويل.
وأكد صقر استعداد الأمانة السورية للتنمية الدائم لدعم المجتمعات الريفية وتعزيز دورها في النهوض بواقعها وتطويره، وتهيئة الفرصة للعمل المجتمعي المشترك.