زمان، كانت مساحة “فش الخلق” ضيقة ومحصورة جداً، يعني: مهموم مقهور أو حتى تشعر بالملل…المطبخ فقط وسريرك هما السبيل الوحيد لكسر حالة التوتر والقلق، وتنفسك سيكون بفرد قطارميز المونة وأكل أربعة، خمسة صحون مكدوس أو النوم تحت نافذة غرفتك حدّ الإغماء…
اليوم، ومع اختلاف ثقافات الدلال وازدياد اكسسواراته بات المواطن المرهق ينعم بأطلس حلول تختلف تماماً عن مخرجات حلول أيام الأبيض والأسود..
فالمواطن المثقف يمكن أن يصول ويجول بالمكتبات الافتراضية ويقرأ ما يشاء من الكتب الإلكترونية ثروة ما كانت موجودة سابقاً، ومكتبات البيوت ما كانت حاضرة في بيوت المثقفين من أصحاب الدخل المحدود.
أما المواطن المتنور بنور الله وثقافته تجارب حياة ودسم مشاكل عامة فعلّمته الحياة بعض الفنون، على الفيسبوك يمكن أن يصير فيلسوفاً ويقص ويلصق حكماً وأقوالاً مأثورة لـدوستويفسكي وخالد توفيق ونجيب محفوظ..
وست البيت؛ انتهى زمن الانفعالات والمشاجرة بلا سبب مع الزوج والأولاد وهي في نعيم اليوتيوب تتصفح مطبخ الشام وبيروت وريف طرطوس..
مرهق، ومهموم..!!
من الديون والفواتير وتقنين الكهرباء وبورصة البنزين والمازوت ومدارس البنين والبنات وتسعيرة الحضانة لابنك “الفصعون”..
ابتعد تماماً -إن كنت معتراً وموظفاً- عن مونة المطبخ وقطارميز اللبنة والزيتون ولا تفكر بممارسة طقس قديم والنوم للهروب من الهموم، حيث درجة حرارة أيلول أشد من حرارة شهر حزيران وآب اللهاب ، وبطارية المروحة انتهت صلاحية شحنها والخمس ست ساعات قطع كهرباء ستقطع لك الأنفاس وتزيد التوتر والشجون.
وما عليك، أخي المواطن، إلّا التسلية وتصفح الفيسبوك ومتابعة أخبار ريم السواس وانفعالات نقيب الفنانين أمام عدسات الكاميرات..
أو اقرأ تصريحات السادة المعنيين وتكرّم بوضع “اللايك” لصورة مهاجر يقيم في الخارج ويتجرع مرارة الغربة والحنين لمقاعد دراسة وورش حرفية تنقصها يد عاملة بسبب سوء اختيارات شبابنا في المفاضلة الجامعية..!!!
متعب مرهق ومهموم..
دندن طربيات اليوم وحمّل وشارك أغاني الأعراس والمهرجانات وابتعد كلياً عن موسيقا الزمن الجميل، كي لا تصاب بجلطة قلبية وعبد الحليم حافظ يقول: طريقك مسدود..مسدود