درجة أولى.. وثانية

أكّد نقيب الفنانين محسن غازي خلال المؤتمر الصحفي الذي أقامته النقابة قبل أيام، بشأن الزيارة المُرتقبة للفنان هاني شاكر مُنتصف الشهر الجاري، بأنّ الأخير هو الذي اختار أوبرا دمشق مكاناً لإقامة حفله، وعلى أننا نتفهم الأسباب التي يستند إليها أمير الغناء العربي، لكن كنا نتمنى لو مارست الهيئات التي نسّقت للدعوة والحفل، دوراً أكبر في هذا الشأن تحديداً، لأن عدد الراغبين بالحضور سيفوق حكماً ما تستوعبه أكبر الصالات في الأوبرا، ناهيك عن وجود قلعة دمشق مثلاً، والتي استضافت مؤخراً مجموعة حفلاتٍ لمطربين سوريين وعرب، حتى إنه بالإمكان تجهيز أرض معرض دمشق الدولي سابقاً كما حدث في عدة فعاليات خلال الأعوام الأخيرة، لإرضاء أكبر عددٍ ممكن من الجمهور.
الحديث عن الأمكنة المُخصصة لإقامة الفعاليات الفنية في دمشق، لا ينفصل عن المشهد الثقافي العام في المدينة التي نتباهى بأنها أقدم عاصمة مأهولة بالسكان في التاريخ، في حين أن جولة سريعة على دور السينما والمسرح والتشكيل فيها لا تُوحي بذلك، بل بما هو أقل بكثير، هذا في حال لم نبحث فيما يتعلق بالإضاءة والصوت والديكور فيها، وما يظهر من أخطاء وإشكاليات أثناء العروض تفاقمت مع انقطاع الكهرباء عنها، وما جرّه ذلك من استخدام بدائل ساهمت في إقامة عددٍ من الفعاليات على مبدأ “هاد الموجود”، من بينها معرضٌ استضافته صالة الرواق العربي، جرى افتتاحه على ضوء الموبايلات، بعد انتظار أكثر من ربع ساعة لتشغيل أي وسيلة إضاءة بديلة.
المقارنة بين الشكل القديم للمدينة وتعداد صالات السينما والمسارح والمقاهي الثقافية والمكتبات فيها، مع الشكل الحالي الذي تظهر فيه محدودية في الأماكن والرؤى والأصوات، تستوجب بحثاً في الأسباب التي أوصلت عدد المسارح إلى ثلاثة، ونظيرتها التي أبعدت سينما القطاع الخاص وحصرت أعداد المخرجين في قائمة لا تتجاوز عشرة أسماء، عدا عن تصنيف المعارض التشكيلية في مستويات، الجيدة تذهب إلى الصالات الخاصة والأقل تحشر نفسها في صالات المراكز الثقافية، من دون أن ننسى تعاطي بعض المسؤولين عن أماكن العرض كما لو كانت إرثاً عائلياً خاصاً بهم، فيستقبلون من شاؤوا ويرفضون البقية التي يُفترض بها أن تلتحق بالدرجة الثانية ثقافياً، مادامت مقاعد الأولى محجوزة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار