تحالف “ميسا” مسمار آخر في نعش قضية العرب المركزية
د.رحيم هادي الشمخي
تحالف جديد كشف عن أهدافه العدوانية في رسم خريطة جديدة لتقسيم الوطن العربي، هذا التحالف سمي “ميسا” وهو الاسم المختصر للتحالف الجديد في الشرق الأوسط، وهو بمعنى دقيق تحالف أمني اقتصادي سياحي وثقافي، يضم دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن وأمريكا .
الهدف غير المعلن، من هذا التحالف في الدرجة الأولى تمكين “إسرائيل” وطمس حقوق الشعب العربي الفلسطيني في أرضه وتاريخه وتراثه الإنساني، وإيجاد بدائل أخرى لحل مزعوم، ليس بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف، بل بإذابة هذه الدولة المرتقبة ضمن الأردن ومصر و«إسرائيل» حيث يقوم كيان الاحتلال الإسرائيلي بإسكان من يرغب من الفلسطينيين ضمن الأراضي التي يحتلها كعرب 1948 أو يهاجرون إلى سيناء، ويُمنحون الجنسية المصرية، أو الحرب، مع قيام الخيارين السابقين، وبذلك تكون «إسرائيل» قد استولت على الشريط الساحلي للبحر الأبيض المتوسط وأمّنت من خلال التحالف جهة مصر، ومن ثم تفتح معبر رفح للإمدادات والسياحة من قارة إفريقيا، ومن جهة الأردن تكون «إسرائيل» أّمنت على “حدودها “من خلال التحالف.
ولكن لابدّ من نظرة تعريفية بهذا المشروع، ما هو، ولماذا اقترحته الولايات المتحدة؟
كُشف النقاب للمرة الأولى عن التحالف خلال زيارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى السعودية في أيار 2017. حينها نص “إعلان الرياض” على أن التحالف “سيسهم في تحقيق ما سموه “السلام والأمن في المنطقة والعالم”. وتتمحور فكرته أساساً حول الأمن والدفاع، لكن مؤخراً تمت إضافة مجالات اقتصادية وسياسية للمشروع.
ولكن من وجهة نظر أدق إن تحالف (ميسا)، للهيمنة على المنطقة العربية، والمقصود بها تدمير قوة المقاومة العربية أولاً التي تنادي بتحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني وبدعم لا محدود من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الأوروبي، وثانياً: توفير الدعم الاقتصادي العربي من النفط والغاز والحبوب لـ«إسرائيل»، وهيمنة الأخيرة على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، وثالثاً: فتح المجالات السياحية إلى إفريقيا عبر الدول العربية، وبهذا يكون الكيان الصهيوني هو المستفيد من هذا التحالف المشبوه الذي تورطت فيه دول عربية كانت في يوم من الأيام في حرب مع هذا الكيان الصهيوني، وباتت اليوم في وضع المهرول إلى التطبيع، وبالنتيجة فإن طموح تحالف “ميسا” هو الانضمام إلى حلف «ناتو» والهدف من ذلك الوقوف ضد كل من روسيا والصين وكوريا الديمقراطية وإيران .
يأتي التحالف أيضاً في خضمّ حملة «الضغوط القصوى» على إيران حيث لم يوفّر الرئيس السابق ترامب، أيّ وسيلة لتحقيق ما يرى أنه مفيد لإستراتيجيته «أميركا أوّلاً». منذ زيارته الأولى للرياض، كانت تَعِنّ له فكرة إغراء «الحلفاء» بتشكيل جبهة تحاكي مخاوفهم من “العدو الإيراني” المزعوم.
إن “تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي (ميسا)” يمثل خطوة في هذا الاتجاه، خاصة أنه يربط الأمن العسكري بالأمنين السياسي والاقتصادي. لكن، وللحقيقة فإن هذا المشروع يخدم الأهداف الأميركية في المنطقة، وهي استهداف إيران وتقليص الوجود الإقليمي الأميركي من دون السماح للصين أو روسيا بحصد النفوذ، فيما يهمل الأولويات والقيود التي تخص الأعضاء المحتملين من الدول العربية.
ولكن ماذا عن دول مجلس التعاون الخليجي وهذا التحالف؟
يمكن عدّ النقاط التالية تشكل بالنسبة لهم هاجساً وهي :
1 – ردع مزاعم الخوف والخطر من إيران التي أصبحت اليوم قوة ردع عظيمة وحمايتها منها كما تدّعي هذه الدول.
2 – استقرار اقتصادي قوي مربوط بالنظام العالمي الجديد، وخاصة في منطقة الشرق والمنطقة العربية بصورة خاصة.
3 -كما أن المشاريع السياحية التي تنفذ حالياً وأبرزها (نيوم) التي ستكون بين السعودية ومصر والأردن و«إسرائيل» ستفتح لها قناة سياحية من البحر الأحمر إلى البحر الميت ومن البحر الميت إلى البحر الأبيض المتوسط مقتصرة على عبور السياح والاستثمار بالسياحية وموازية لقناة السويس التي ستكون فقط للبواخر والتجارة العالمية.
أخيراً، فإن تحالف (ميسا) يمثل فقط الطموح الأمريكي- الصهيوني لتقسيم الوطن العربي في أحلاف ومشاريع استسلامية بعد أن سعت أمريكا إلى تدمير الدول العربية كالعراق وسورية وليبيا واليمن والسودان، فكانت «إسرائيل» هي اللاعب السياسي والعسكري والاقتصادي الأوحد في المنطقة العربية.
أكاديمي وكاتب عراقي