رندة حجازي سفيرة الفن السوري في كندا

ديما الخطيب:

بمناسبة يوم المرأة العالمي تم اختيارها واحدة من سبع نساء الأكثر فعالية وتأثيراً في المجتمع الكندي وكُرّمت بشهادة تقدير من رئيس بلدية مدينة لافال (ثالث أكبر مدينة في مقاطعة كيبيك الكندية).. حاصلة على الميدالية الفضية (المرتبة الثانية) في معرض فني خاص لفناني كيبيك بمشاركة ٦٢ فناناً كندياً، كنيسة سانت مادلين، فرنسا ٢٠٢١..

فازت مؤخراً في مسابقة لتصميم نصب تذكاري تابع لجمعية أندية “اللايونز” الدولية وسوف يوضع التمثال في ساحة من ساحات كندا العامة في عام ٢٠٢٣.. لديها عدة معارض فردية وعدة مشاركات في معارض جماعية في عدة دول. وأعمالها مقتناة في الكثير من دول العالم.. إنها الفنانة التشكيلية السورية المقيمة في كندا رندة حجازي، وكان معها هذا الحوار:

• سنبدأ من الميدالية الفضية التي حصدتها من باريس من دون حضورك.. كيف لتقييم بهذه الحيادية أن ينصف جهد سنين من العمل المتواصل والمضني لو تحدثيننا عن هذه النقطة؟

– الميدالية الفضية هي حصيلة جهود مستمرة لسنوات طويلة من الدراسة والعمل والبحث المستمر وما النجاح إلا ومضة اعتراف بهذه الجهود، وإن غياب الفنان عن تحكيم اللجنة هو غياب تأثير شخصيته بشكل مباشر على اللجنة وثبات موقف اللوحة وموضوعها وتقنياتها لتكون هي الشاهد الوحيد على شخصية الفنان وقدرته وأهليته لكسب النجاح والفوز.

*هل يقدر الغرب فنانينا أكثر من وطنهم الأم ولماذا برأيك؟

– الفن المتقن يثبت حضوره في أي مكان في العالم، في الغرب والشرق، وبعد تجربة طويلة وحضور متعدد في كثير من دول العالم ومن بينها بلدي الأم سورية، لاحظت بعض الفروقات بالتأكيد وربما تتعلق بالقوانين التي تحمي الفنان، ولكن إذا نظرنا إلى الموضوع بشكل شمولي ونظرة أوسع، لن نجد فرقاً كبيراً في تقدير الفن والفنانين، في بلادنا يوجد قارئون ومحبون جيدون للفن، و مقتنو الأعمال الفنية نسبة حضورهم لا بأس بها، وربما العامل الوحيد الذي يقيد الفنان أو على العكس يفتح أمامه أفقاً واسعاً هو فقط الوضع الاقتصادي والاستقرار النفسي والمادي والمعنوي لكل بلد، وأحياناً نواجه أزمات عالمية تؤثر بشكل مباشر على الفنان في أي مكان كما تؤثر على كافة القطاعات الأخرى ولا يمكنني نكران ما كانت تشهده سورية قبل الحرب من نشاط فني واسع النطاق داخل البلاد وخارجها وبالطبع أتمنى عودة الازدهار الفني مقروناً بعودة الانتعاش لبلدي الحبيب.

* بالانتقال إلى المزج المتقن في أعمالك بين الواقعي والسريالي هل تعتقدين أن الفكرة لا تنضج إلا بهذا الأسلوب؟ أم من الممكن أنها بصمتك الخاصة؟

– أنا دائمة التجوال بين المدارس الفنية العالمية، وأستقي منها ما يحلو لي وأتعلم منها ما كنت على غير دراية به، وكل مدرسة تمتلك مبادئ وقواعد خاصة بها، وعلى الفنان التشكيلي أن يتقن كل المدارس أو على الأقل أن يكون على دراية تامة بكل قواعدها وأسسها لكي يستطيع أن يتخذ لنفسه خطاً فنياً يسير عليه. وأنا أقول لن أكتفي بما أملك من علم فني، سأتابع وأجتهد أكثر وسأبني علاقات وطيدة مع كل المدارس الفنية لأصل إلى مرحلة التميّز بالعمل. وما أنا عليه من خط فني هو نتيجة لانخراطي الشديد في المدارس الواقعية، السريالية والتعبيرية. كل فكرة وكل عمل يأخذ المنحى المناسب لطرح الفكرة، وربما مع الوقت تجدينني أنتقل إلى مدارس جديدة لم أعمل عليها من قبل، وما هذا التجوال إلّا حالة من التطوير في الأسلوب والتقنية .

* ما تقنياتك المفضلة وهل تفرض الفكرةُ التقنية الألوان المنتقاة أم العكس؟

– بالتأكيد الفكرة هي الأساس في العمل الفني ومنها البداية والنهاية، وعلى أساس الفكرة تبدأ خبرة الفنان في انتقاء الأسلوب المناسب والتقنية المناسبة، أما الألوان فهي في حدّ ذاتها حكاية متفردة، فهي قادرة على إنجاح العمل الفني أو إفشاله، واختيار الألوان يحتاج حكمة لونية وارتقاء في المشاعر لتصل لمرحلة الإحساس العميق بكل درجة من درجات اللون، وإلى أي طريق من الإحساس توصلك، له تأثير قوي وكبير على إثارة بؤر معينة داخل النفس البشرية، وبالتالي كل حالة وكل رسالة لها تعبير وخطوط وألوان خاصة بها ومن هنا تأتي حكمة الفنان في اختيار الألوان التي تناسب الموضوع وليكون لها تأثيرها السيكولوجي المناسب لتحقيق الهدف من العمل الفني.

* الارتجال أم البناء عن سابق تفكير وتصميم أي منهما يسيطر على أعمالك؟

– بعيدة كل البعد عن الارتجال في العمل الفني، ودائماً أبقي موهبتي تحت السيطرة والتخطيط والدراسة، بالإضافة إلى أنني لا أحب اللوحة اليتيمة، دائماً هناك عدة لوحات متكاملة عن موضوع شائك أريد تسليط الضوء عليه، فكل موضوع أعطيه حقه بالكامل من حيث الوقت والاطلاع والبحث فأنا قارئة جيدة قبل البدء بأي عمل وأحاول أن أجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن الموضوع وخاصة أنني من الأشخاص الذين تستهويهم المواضيع الإنسانية المجتمعية العميقة، وهذا بالطبع نابع من إيماني المطلق والتزامي بكل قضايا المجتمع والإنسان، بالإضافة إلى قناعاتي المفرطة بأن الفن له تأثير قوي في تقويم المجتمعات وصنع القرارات، كما أن له أهمية كبيرة تتعلق بحياتنا اليومية ومشاعرنا الإنسانية وأحكامنا الجمالية وبكل ما يتعلق بكياننا كبشر ويمس وجداننا ويتصل بمفاهيمنا، ومن هذا المنطلق فإن ممارستي للعمل الفني هي مسؤولية كبيرة على عاتقي وأرفض الارتجال خوفاً من الوقوع في خطأ يؤثر سلباً على المتلقي، فالفن رسالة ومسؤولية وعلينا التحكم بها عن دراية ويقظة وخبرة عالية وعدم السماح لمشاعرنا أن تمتلك زمام الأمور بشكل كامل، وهنا تأتي خبرة الفنان في تحقيق التوازن بين مشاعره التي تظهر على اللوحة وفي الوقت نفسه دراسة العمل أكاديمياً وعلمياً وفكرياً، والدمج بين المشاعر والعلم للخروج بعمل متقن ورصين.

* هل كان للحرب حيز أو أثر في أعمالك؟

– دمشق أعطتني كل ما أملك ولي الفخر والامتنان لها لكوني ابنة هذه الحضارة وأعطتني من مورثاتها ما يكفيني لأن أبدأ وأنهي حياتي في الفن، فرغماً عني ومن دون أي تفكير ستجدون سورية في الكثير من أعمالي، ستجدون الحب، الألم، الوجع، الحرب، السعادة، الياسمين، الفخر والعز، الحضارة والثقافة، كيف لا؟ وسورية لها الفضل الكبير بما أنا عليه اليوم، فمنها ارتويت ولها نتاجي ونجاحي.

* هل من معرض فردي قريب؟

-انتهيت للتو من معرض فردي بعنوان “نبض” تحت رعاية أندية “اللايونز” الدولية وكان جزءاً من مؤتمرهم الدولي السنوي في قصر المؤتمرات في مونتريال- كندا، معرض حاكى أوجاع المحتاجين بالعموم والمستضعفين في هذا الكون، حضر المعرض ما يقارب ٩٠٠٠ شخص من كافة دول العالم. حالياً في مرحلة تحضيرات جديدة لمعرض يحاكي التاريخ الكندي ونشأة الدولة الكندية وسيقام المعرض برعاية الحكومة الكندية ومن المتوقع أن يتم افتتاح المعرض في نهاية عام ٢٠٢٣؛ أما على صعيد المعارض المشتركة فهي مستمرة ولا تتوقف في عدة دول حول العالم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار