كيف نقدم الدعم النفسي للمسنين في مرحلة الشيخوخة؟
دينا عبد:
هناك عوامل بيولوجية- نفسية واجتماعية متعددة تحدد مستوى الصحة النفسية لجميع الأفراد في أي لحظة من الزمن؛ فبالإضافة إلى ضغوطات الحياة اليومية والشائعة بين الناس، نرى الكثير من كبار السن يفقدون قدرتهم على العيش بصورة مستقلة، ويحتاجون رعاية طويلة الأجل، إما من أبنائهم أو من مقدمي الرعاية الصحية في حال لم يتواجد الأبناء لتقديم الرعاية. فكيف نقدم الدعم النفسي للمسنين في مرحلة الشيخوخة؟
اختصاصية الصحة النفسية د. غالية أسعيد بيّنت أن كبار السن هم أكثر عرضة لمشاعر الحزن، أو انخفاض الوضع الاجتماعي والاقتصادي في ظل التقاعد، أو حدوث وضع صحي معين كالمرض والعجز، فمرحلة الشيخوخة تعدّ حالة نفسية وجسدية تتميز بضعف في قوة الفرد، وبنى مختلفة في جسمه بسبب التغيرات الجسدية والنفسية، التي تحدث في مراحل متأخرة من العمر، ونظراً لأهمية هذه المرحلة، فقد درسها العلماء والمتخصصون للتعرف إلى سيكولوجيتها واهتماماتها واحتياجاتها ومشكلاتها، وكذلك تحديد طرق الوقاية والعلاج وتوفير الرعاية المناسبة.
وعلى هذا الأساس، ظهر وعي في كثير من البلدان بضرورة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية المسنين، من المشكلات والأمراض الجسدية عموماً والنفسية خصوصاً، فكان من أهم الاضطرابات النفسية التي تصيب كبار السن: التغيير المفاجئ الذي يحدث لهم بعد الإحالة إلى التقاعد وإحساسهم بالفراغ الكبير وبدء عزلتهم عن المجتمع وابتعاد ذوي الحاجات الذين كانوا يلجؤون إليهم لقضاء حاجاتهم عندما كانوا في العمل، كلّ هذا قد يسبب الإحساس بفقدان أهميتهم في المجتمع وعدم فائدتهم، يترتب على هذا التغيير خمول جسمي وعقلي، وقد تصاحب ذلك حالة اكتئابية من المشاعر، ومما لاشك فيه نقص الحيوية بصفة عامة، الأمر الذي يتسبب بمشكلات نفسية عند كبار السن مع اضطرابات في السلوك، إما بالانعزال والاكتئاب أو العدوانية ضد المحيطين به بإسقاط أسباب هذا الضعف عليهم وخاصة الزوجة أو الأبناء.
هذا لا يمنع أبداً وجود مشاعر الحزن والقلق والخوف من العزلة، والابتعاد عن المجتمع، والشعور بعدم الأهمية لوجودهم، مع ما يرافقها من اضطرابات الأكل وفقد الشهية العصابي.
وختمت د. أسعيد: بإمكاننا تعزيز الصحة النفسية للمسنين، من خلال التأسيس لمرحلة الشيخوخة بشكل فعال وصحي، فالتعزيز الصحي الخاص بالصحة النفسية للمسنين ينطوي على إيجاد ظروف معيشية وبيئية تدعم وتسمح للأشخاص بالبدء بأنماط حياة صحية متكاملة، من خلال عدة أنشطة يمكن أن يقوموا بها في حياتهم اليومية، يتغلبون من خلالها على المرض النفسي ويعيشون بشكل مثالي كبقية أفراد المجتمع.