قطوع إدارية..
من يدير ظهره للمشكلات والواقع، وتظهر في أفعاله اللامبالاة للشأن العام وهمّ المواطن؟!
بالطبع ليس لأحد أن يمنح الحكومة شهادة حسن سلوك أو يذم أفعالها أو يصحح لها أخطاءها.. إذا كانت تتصرف بمنطق اتباع بعض الخطأ كمسار جيد للوصول إلى تصحيح الانحرافات في الواقع.
ومثال ذلك أن تتخذ قراراً بشأن الضرائب في سبيل تصحيح البيئة الاستثمارية، وخلق مواقع اقتصادية أكثر وأشمل.. حتى لو أدى القرار إلى تأثر بعض الشرائح الهشة والدخول الضعيفة بشكل غير مباشر من هذا القرار مؤقتاً .
الدولة ليست كياناً عادياً، والحكومة ليست تنظيماً استثنائياً، بل هي السلطة العامة السائدة المهيمنة على مقدرات البلاد، تديرها بمنطق الظروف وحكم الواقع السائد.. وهي أكثر هيمنة من إرادة المجتمع بحكم العقد الاجتماعي الذي أنتج الدولة وأداتها الحكومة.
فإذا كانت الحكومة (الأداة الأولى للدولة) تتمتع بالموهبة والذكاء والفضائل الأخلاقية والمعارف اللازمة، فيحق لها أن تعيد تشكيل مصفوفة المعايير وشبكة المفاهيم التي تسير عليها مجريات الأحداث، لتعيد تأسيس استراتيجيات التحكم بالأوضاع، وتغيير التوقعات وخلق حقائق جديدة لملء المساحات التي تحتاجها للوصول إلى الهدف الذي وضعته .
ويمكن القول أثناء الأزمات وبعدها مباشرةً، إنه لا يجوز العمل بمنطق الإقناع أو التحاور حول الهدف السامي، الذي يقضي ببقاء المجتمع آمناً سليماً من الأخطار.
لكن الانعطاف الجيد والأخلاقي يجب أن يحصل بعد تحقيق الانتصار على الأزمة، باتجاه ربح الثقة الشعبية، وتغيير سلوك المجتمع باتجاه الحكومة، وتخفيف النزعات النقدية عليها، عن طريق حركة إصلاح وتصحيح تسعى من خلالها إلى تطهير البيئة الحكومية من بقايا مسببات الأزمة.. وأهمها تلك السلعة السيئة القاتلة.. المتجلية بأشباه العقول.. فهذه السلعة مدسوسة.. مستوردة من دون ترخيص اجتماعي أو قبول أخلاقي.
وهذه الحركة تعد أكثر من رسالة موجهة للذين تخلو جيناتهم من الفضيلة والمواطنة والانتماء، وهي طمأنة للمجتمع إلى نهائية المرجعية الاعتبارية للدولة وسلطتها وقدرتها على صيانة القانون وسيادته على الجميع .
وبذلك تؤسس لمنظومة علاقات اجتماعية وإنتاجية متوازنة، وتستبعد منظومة علاقات سادت أثناء الأزمة، مدفوعة أحياناً بالشرور وعدم التحريم أو تشوبها الأخطاء والفوضى .