نجومية “التريند” ودراما الخواء الصعب!
هدى قدور:
الهروب إلى “التريند” الذي يكسّر الدنيا، أصبح خياراً أمام نجوم الصف الأول، فحالات الطلاق وتبادل الاتهامات بين الفنانين بإمكانها صناعة النجوم أيضاً أو في الحد الأدنى، المحافظة على حضورهم في دائرة اهتمامات الجمهور. هذه الدراما التي صنعت العديد من الملاحم الهامة في بداية نهضتها، تظهر اليوم وكأنها تكتفي بجمع الإعجابات على اليوتيوب والفيس بوك، بعدما صعُبت دروب الدراما الجادة، ومن لحّق نفسه بحصد النجومية في فترات سابقة، سيكون من العسير عليه القبض عليها في هذه المرحلة التي تكثر فيها العصي في دواليب المسلسلات السورية، بدءاً من الرقابة إلى انخفاض الميزانيات مقارنة بما كان يتوفر سابقاً من أموال، وصولاً إلى انتشار التسطيح في التأليف ومحدودية أهداف شركات الإنتاج التي تمنّ على الفنانين بفرص العمل وتنقذهم من البطالة عندما تقدم لهم فرصة تمثيل بسعر معقول حتى لو كانت من درجة “كومبارس”.
لم تستفد إدارات الدراما السورية من تجربة شقيقتها المصرية التي حافظت على نمو مطرد حتى في أسوأ حالاتها، فبقيت الدراما السورية تعيش فورات، في حين تمشي المصرية في طريق مستقر ومدروس، وبالتالي فإن الهروب إلى التريند الساخن والإشكالي يبدو طبيعياً بالنسبة لنجوم يأفلون بعامل تقادم الزمن الذي لا ينتظر أحداً من غير إنتاج عالي المستوى.
الموضوع معقد ومتشعب الأسباب والنتائج، لكن في جميع الأحوال، فإن المشاهد لن يستغرب ظهور نجومه في فيديوهات السوشيال ميديا وهم يتقاذفون الاتهامات الشخصية، أو يقومون بأعمال تلفت انتباه الجمهور مثل ارتداء سراويل الجينز الممزقة أو القيام بتصريحات الخبطة وما إلى ذلك من سلوكيات تندرج في إطار الدفاع السلبي عن النجومية الآفلة التي راحت تنوس وتضعف بسبب البيئة العامة في العمل التي لم تعد خصبة لإنتاج مسلسلات من العيار الثقيل.
تدخل رأس المال.. مقصات الرقابة.. تسويق أسماء بعينها.. الشللية.. كلها عوامل ستؤدي إلى تراجع الدراما السورية موسماً بعد آخر. وبقدر ما يغرق نجوم هذه الدراما بالتريندات الإشكالية التي تجذب الجمهور، سيكون ذلك دليلاً على المزيد من التدهور والتراجع على صعيد كتابة النصّ والإخراج واختيار الكادر العامل في كل مسلسل، فالدراما تحولت إلى مصدر رزق بغض النظر عن كمية الإبداع فيها، وهذا يعدّ طبيعياً في ظل الظروف الاقتصادية والقانونية والمعنوية التي يعيشها هذا الفن الذي كان بإمكانه أن يشكل مورداً سياحياً هاماً للبلد نتيجة نجاحاته الأولى، لكن الفرص ضاعت وأصبحت عملية استعادة الصدارة صعبة جداً.
في جميع الأحوال، فإن التطور التقني التكنولوجي، قد يأخذ هذه الدراما إلى أماكن غير متوقعة، عبر قنوات اليوتيوب والمسلسلات القصيرة واللوحات السريعة التي تشبه الومضة الدرامية، وحتى تتبلور هذه المعطيات، فإن حال الدراما السورية لا يبعث على الاطمئنان وكل ما نرجوه هو الاستيقاظ المبكر لإدارات وصناع هذا الفن الهام الذي له المكانة الكبرى في صناعة الرأي العام.