ينذر بالخطر .. انخفاض وتراجع كبيران بمؤشرات المصادر المائية بدرعا
وليد الزعبي:
تعدّ محافظة درعا زراعية بامتياز.. وإنتاجها مصدر اقتصادي أساسي ومهم للسكان والرافد الرئيسي للدخل العام في المحافظة، ولهذا يستهلك قطاع الزراعة القسم الأكبر من الموارد المائية السطحية والجوفية المتاحة، لكن ومع حلول الجفاف وقلة الهطولات المطرية لسنوات طويلة والاستنزاف الجائر للمياه الجوفية من الآبار وخاصة المخالفة التي حفر الآلاف منها خلال الحرب، تأثرت تلك المصادر وأصبح التخزين في سدود المحافظة بحدود متدنية فيما جفت العديد من الينابيع وقلت غزارات أخرى، الأمر الذي انعكس سلباً ليس على وفرة مياه الري للزراعة فقط بل أثر أيضاً على وفرة مياه الشرب للسكان.
تعاقب الجفاف
وبهذا الاتجاه أوضح المهندس محمد المسالمة مدير عام مؤسسة المياه في درعا ل”تشرين” أنه من خلال متابعة الوضع المائي ومراقبة وقياس غزارات الينابيع وكذلك الهطولات المطرية السنوية لوحظ تراجع في غزارة الينابيع بدءاً من تسعينيات القرن الماضي وترافق هذا التراجع مع فترة الجفاف، حيث مرت المنطقة بدورة جفاف مناخي وانخفضت كميات الهاطل المطري خلال العقود السابقة بشكلٍ كبير ما انعكس سلباً على مناسيب المياه الجوفية وغزارة الينابيع، والذي أثر بدوره على مياه الري وأدى لعجز بمياه الشرب.
نضوب متلاحق
أما بالنسبة للينابيع فيوجد عدد منها بغزارات متوسطة نسبياً أهمها المزيريب وزيزون والأشعري وعيون العبد والساخنة الكبرى والساخنة الصغرى والغزولي وبندك والعجمي وينابيع الهرير ودير لبو والصافوقية وغزالة، لكن القسم الأكبر منها جف تماماً قبل العام 2012 ولاسيما الغزولي وبندك والعجمي والأشعري ودير لبو، فيما قسم آخر منها أصبح موسمياً أي جاف صيفاً ورطب شتاءً ومثالها المزيريب وزيزون، أما القسم المتبقي فغزارته مستمرة مع انخفاض جزئي صيفاً (عيون العبد والساخنة الكبرى والساخنة الصغرى وينابيع الهرير وعين ذكر والصافوقية وغزالة).
وكشف مدير المؤسسة أنه خلال صيف هذا العام عادت وتوقفت غزارة ينابيع عيون العبد والساخنة الكبرى والصغرى، وهي التي تستخدم بشكل رئيس لسدّ احتياجات مياه الشرب في مناطق مختلفة من المحافظة، وبقيت حالياً من تلك الينابيع فقط ينابيع وادي الهرير بشكل رئيسي وتستخدم لأغراض الشرب والري.
تفشي الحفر
إن الآبار تشكل المصدر المائي الثاني والأهم الذي تعتمد عليه الزراعة بشكل رئيسي وهي تنتشر بمختلف أرجاء المحافظة، وبشأنها بيّن مدير عام مؤسسة المياه أن الإقبال تزايد على حفر الآبار منذ ثمانينيات القرن الماضي حيث كانت القوانين والأنظمة تسمح بذلك، وبعدها وُضعت شروط صعبة لحفرها وصولاً لمنعها بشكل كامل الأمر زاد من حفر الآبار المخالفة، وبالأرقام كان عدد الآبار المخالفة وفق إحصاء عام 2001 بحدود 192 بئراً وقد زادت حتى وصلت في عام 2010 إلى 605 آبار، وذلك بالتوازي مع ازدياد عدد الآبار التي تم ترخيصها بشكل أصولي والتي بلغ عددها وفق تصنيف التشريع المائي حتى منتصف هذا العام إلى 4029 بئراً لأغراض مختلفة معظمها للزراعة.
وأضاف المسالمة: مع سنوات الحرب تم استغلال الظروف السائدة وتفاقم بشكل واسع حفر الآبار المخالفة الذي لم يقتصر على الأراضي الزراعية بل تم حتى ضمن المناطق السكنية داخل المخططات التنظيمية للقرى والبلدات لتأمين مياه الشرب وغيرها، وكذلك ضمن شبكات الري الحكومية وغيرها لغياب المياه عنها وتعطلها وعدم توفر المورد المائي لها، وقد وصل عدد الآبار المخالفة المحصاة 2805 آبار، وهناك عدد كبير من الآبار وبمناطق مختلفة لم يتم التمكن من إحصائها فيما لاتزال مخالفات الحفر وانتشار الحفارات المخالفة قائمة حتى الآن بسبب الظروف السائدة وصعوبة ملاحقة الحفارات المخالفة في بعض المناطق، ولا شك أن ذلك كان له تأثيره السلبي على انخفاض مناسيب المياه الجوفية والينابيع بشكل سنوي وجفاف عدد من الينابيع وانخفاض غزارات أخرى.
مقترحات الحل
في ضوء ما تقدم لابد من اتخاذ جملة من الإجراءات الكفيلة بالحد من تدهور الواقع المائي، وفي هذا المنحى ذكر مدير عام مؤسسة المياه أنه ينبغي دراسة الواقع المائي الحالي في حوض اليرموك وتحديد الخطوات المطلوبة لوقف استنزاف مياهه الجوفية، مع أهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الآبار الزراعية المخالفة ووقف الحفر المخالف والعشوائي لها، وإعادة النظر بالخطة الزراعية السنوية على الآبار والتشدد بتطبيقها والتركيز فيها على الزراعات الشتوية وخاصة محصول القمح والأشجار القائمة لحين تعافي مناسيب المياه الجوفية، والاعتماد بشكل رئيسي في الزراعة على الموارد المائية السطحية، والإسراع بتنفيذ محطات المعالجة للمياه الراجعة من الصرف الصحي والاستفادة منها في الزراعات الممكنة.