الصور الشخصية.. أناسٌ لا يكبرون في العمر!
هدى قدور:
يحرص كثيرٌ من الكتّاب كبار السن، على نشر صورهم وهم في ريعان الشباب على مقالاتهم المنشورة في الصحف والمواقع الإلكترونية! ويمكن القول: إن هناك ظاهرة عامة تدفع البشر لأن يبدوا في ريعان الشباب رغم أن السنين تكون قد حفرت آثارها على وجوههم بشكل لا يمكن إخفاؤه بصورة يمكن أن تصدم القارئ إذا ما صادف والتقى بالأديب “الشاب” صاحب الصورة، فوجده ” ختياراً ” نال منه الدهر! الملاحظة تصدق على النساء والرجال على حدٍّ سواء. وأطرف أولئك الأشخاص من يتورط باستخدام برنامج “الفوتوشوب” من أجل إزالة التجاعيد عن الوجه وإظهاره أكثر إشراقاً، إلى درجة أن آثار أدوات هذا البرنامج تظهر على الخدود بشكل واضح لا يمكن إنكاره وهي تحاول “إصلاح ما أفسده الدهر”!.
في مجال الدراما، يهرع الممثلون والممثلات مبكراً إلى عمليات التجميل كي يخفوا آثار الزمن عن ابتساماتهم وجباههم المخططة بالتجاعيد العميقة، وبالفعل ينجح الكثير منهم في إخفاء عمره الحقيقي، وتنطلي لعبة السيليكون ومواد الحقن الأخرى، على المتابع غير الحصيف، وخاصة عندما تخفي الممثلة عمرها الحقيقي وتدّعي أن ما تمتلكه من نضارة يعود إلى ممارستها الرياضة أو حرصها على النوم المبكر والتركيز على الخضار في التغذية!.
كثيراً ما ترتبط كلمات الكتاب بسحنات وجوههم، حيث يقول بعض القرّاء إنهم تفاجؤوا بعمر الكاتب الفلاني أو صُدموا بتقاطيع وجهه الحقيقية البعيدة كل البعد عن الصورة المنشورة جانب مقالاته الدورية في الإعلام، إلى درجة أن بعض القراء يستنكرون هذه العملية من الغش ويقولون كيف سنصدق ما يكتبه هذا الشخص بعدما حاول غشّنا في هويته وملامح وجهه ولون عينيه؟.
صار من الصعب اليوم الاقتناع بمقولة “سماهم في وجوههم” بعدما تم تعديل الوجوه واللعب بجغرافيته بشكل أساء إلى ملامح الشخص الأساسي، وقد يقول البعض : ما المانع من عمليات التجميل مادام لها أثر جمالي على البشرة وملامح الوجه بشكل عام؟ وربما يصح هذا الأمر على الناس العاديين الذين لا تلعب أشكالهم في حضورهم ضمن المجتمع، لكن من ناحية صانعي الرأي العام والشخصيات المؤثرة، فإن الأمر يأخذ بعداً آخر بناء على الدور الذي تلعبه هذه الشخصية مع الناس الذين يعني الصدق لهم الشيء الكثير.
مات أحد الكتاب وهو في الثمانين من العمر، لكن صورته الثلاثينية كانت تشير إلى عمر مختلف، فكتب بعض ممن لا يعرفونه شخصياً: “الحسرة على شبابه ورحيله المبكر”، كما تفاجأ قراء آخرون بعمر أحد الكتاب الذين لا يضعون صورهم على المقالات، بعمره الصغير مقارنة مع كتاباته الكبيرة والعميقة، فكنا أمام حالة مختلفة تتعلق بكبر النصوص مقابل صغر العمر، هناك صور شهيرة رسخت في أذهان القراء فترات طويلة من الزمن، وأخرى عبرت وكأن شيئاً لم يكن، وهو ما يؤكد أنه على قدر المضامين تأتي أهمية الصور وليس العكس.